هناك في حلوان على يسار الداخل إلى الجهة اليمنى (الشرقية) من الحديقة (اليابانية) يرى الزائر: جانباً من الحديقة منسقاً بفكرة خاصة؛ حيث هيئت بركة مائية على شكل حدوة الحصان من قاعها، وينتهي وسطها بزاوية حادة من أعلى حواشيها.
وأقيم كشك على شكل مظلة، على الأرض التي تتوسط البركة من الطرف المفتوح من الحدوة، وقد زين هامشها بالزهور وسياج من السلك الشائك. ووضع تحت المظلة مقاعد خشبية، جلست على مقعد منها، بحيث أتمكن من رؤية البركة كلها وما يحيط بها.
نسق هذا الجزء من أرض الحديقة، على شكل سهل يرتفع بالتدريج، إلى ربوة منحدرة خضراء، شيدت على قمتها مظلة مثل التي أجلس تحتها. أما حواشي البركة فترتفع من الجهة اليمنى، وتنخفض من الجهة اليسرى تبعاً لطبيعة ذلك الجزء من الأرض. وأقيم على حافتها من الجهة الشمالية الشرقية، عدة تماثيل طوبية اللون (أي أشبه بلون طوب البناء الأحمر الضارب إلى الصفرة).
والذي استرعى انتباهي هو اتحاد جميع التماثيل في الشكل والنوعية والفن. ولم يشذ منها إلا تمثال واحد، تبينت أنه لسيدة، وهو أكبر حجماً.
أحصيت تمثال الرجل الواحد فوجدتها ثمانية وأربعين تمثالاً، صُف ستة عشر منها على حافة البركة اليمنى، ثم يأتي تمثال السيدة، ويتبعه على الجهة ذاتها اثنا عشر تمثالاً يقع موضع آخر واحد منها في وسط هامش البركة. ثم يتبعه في اتجاه مقابل من الجهة اليسرى عشرون تمثالاً.
ما عسى أن يكون المعنى الذي يشير إليه هذا الوضع؟ إنه يشبه مجلساً ملكياً ترأسه ملكة وهؤلاء مستشاروها. لكن الغريب في هؤلاء المستشارين أنهم جميعاً سواسية في الجلسة والهيئة والسحنة والرداء وكل شيء، حتى تلك الدائرة الصغيرة البارزة الموضوعة على جباهها. ورءوسها كلها عارية خالية من الشعر، أما رأس الملكة فتغطيه جدائل سميكة من الشعر، مصففة بشكل يحيط الرأس ويغطي الجبهة حتى تلك الدائرة الصغيرة البارزة في وسطها.