لم تذهلها هذه الطبيعة التي فنيت في حبها وجنحت الويها كل ميولها وأهوائها عن كل شيء، كما كانت تقول (إن نظرات الغابات والغدران والحقول أشد تأثيراً في نفسي من نظرات الإنسان) ولكنها سرحت في عوالم غير هذه العوالم: في عالم الحب، وعالم الموت والفناء.
يقول (جابر يول)(لم أجهل إلا يوما واحدا إن هذه الهائمة بالأزهار والأعشاب قد جحدت العالم كله لتقود نفسها إلى حب شهواني)
(ماذا يهمني إذا تلاشى اليوم عالم من الوجود؟
(فالزمن يستطيع أن يلد - ما ظلت حيا - صيفا جديداً)
وهي في هذه الخطرة غادة فاسقة متوهجة، تتبع ملذاتها الفانية برغبة عارية، وفي عينيها رواقان يظهران ويختفيان. يقولا ن (تعال، تعال، تعال!) وهادنت الساعة التي كانت ترتقبها لتنعم فيها بالرجل الذي توهجت للقائه. وهذه هي نفس الروح الأولى بما يغشاها من ذهول ووثوب، لا تهيم - في هذه المرة - في وجه الطبيعة، ولكن في وجه الإنسان، وعناق الإنسان
ولكن ما عسى يكون هذا الحب؟ إذا كانت الشاعرة تتخيل أن الحب بعد أعوام طافحة بالخداع والافتتان والزهو يغدو الوسيلة الوحيدة لتوليد الجشع النفسي الباعث على امتلاك الوجود!
(إن الوجود النقم الذي لا يأنس أبدا. . . .
أستميله إلي، وأطوي نفسي في حناياه. . .
حين يلتف ذراعاي على جسد نقي لامع كالصيف)
وهل يكون هذا الجسد إلا جسد من تحنو عليه ويبهجها البلوغ إليه؟