كادت كلية اللغة العربية في هذه الأيام الأخيرة أن تتسم بطابع وزارة المعارف ومن علامات هذه الظاهرة عقد مسابقات لقبول الطلبة الراغبين في الانتساب إليها تحت إشراف الوزارة، وتعديل منهاج التعليم على النحو الذي أقرته في كلية دار العلوم.
ورسالة الأزهر (كما نعلم جميعا) هي المحافظة على كيان العلوم الإسلامية، والعمل على نشرها في جميع بقاع العالم على لسان أبنائه الأزهريين، أو بأقلامهم السيالة المؤمنة. ولا يخفى ما للغة العربية من أثر في تأدية هذه الرسالة على وجهها. إذ هي الأداة الوحيدة في فهم لغة السماء المقدسة، وفي هدى النفوس الحائرة في ضباب الأوهام والجهالة، وتصحيح معتقداتها الإلهية؛ وفقد الأزهر لكلية اللغة العربية ليس إلا فقد دعامة متينة من بنيانه مما يخل بتأدية هذه الرسالة المقدسة، واندراجها له تحت إشراف وزارة المعارف في الوقت الذي ينادي فيه بعض ذوي الرأي من رجالات التعليم بوجوب انفصال الجامعة المصرية عن الوزارة، واعتبارها هيئة قائمة بذاتها، إذ أن في وضعها الحالي غضا كبيراً من كرامتها كدار يدرس فيها لأرقى أنواع الطبقات المثقفة في مصر.
وإذا كان الطلاب الأزهريون يرضون عن هذه الأوضاع الراهنة بغض الطرف عما يترتب عليها من نتائج غير مرضية لأنهم إنما ينظرون بعين المادة، فما الداعي لرضاء أولي الأمر فيه.!! والقائمين عليه. .!! الأمر الذي يوشك أن يحرم الأزهر من حرمته وقدسيته؟
أنا لا أفهم الأزهري النابه ينسلخ هكذا من أزهريته، ويتمرد على أزهره، وإنما أفهمه يترنم بمجده وشرفه، وينادي بتدعيم بناء مكانته العلمية والأدبية، ويطالب في إباء وشمم أولياء الأمر من أساتذته الأزهريين بتعديل أساليب الدراسة، ومنهاج التدريس كما يتفق وروح العصر، ومسايرة العالم في تطوراته وأحداثه، ويجأر أكثر مما يجأر بتدريس اللغات الأجنبية دراسة وافية عميقة.!! ومتى اكتملت للأزهر الشريف هذه المقومات استطاع بجدارة أن يشغل مكانة ممتازة بين الهيئات العلمية المختلفة. وأن يؤدي رسالته المقدسة بكل لسان في كل مكان. .!!