(ريس ديفز من أصغر القصصيين الإنجليز سناً. وهو كغيره من الكتاب الإنجليز المعاصرين شديد التأثر بالمذاهب الجديدة في علم النفس، فنراه في قصصه يعتمد إلى التحليل الدقيق لشتى العواطف والنزعات التي تعصف بكل نفس إنسانية. والقصة التي نترجمها له اليوم قد ترجمت إلى عدة لغات حية)
نزلت مارية من غرفة نوم والدها وقالت لعمتها في هدوء وحزن كعادتها دائما:
لقد مات!
فرفعت عمتها (آن) عينيها من فوق الإنجيل الذي كان بين يديها، وفتحت فاها حتى آخره وقد انتابها فزع عظيم، ثم بحثت عن منديلها ومسحت به عينيها العجوزين اللتين لا تتسرب إليهما الدموع، ثم بكت وهي تقول:
إنهم يذهبون جميعاً قبلي!
وفتح مارية الدولاب وتناولت منه (التريكو) وجلست أمام النار كعادتها كل مساء، وأخذت تشتغل باهتمام برغم ضجرها وتعبها من السهر الطويل وعنايتها بالميت
فنظرت إليها عمتها وهي تكاد تصعق من الدهشة، ودب في جسمها النشاط وصرخت في وجهها قائلة:
تحركي يا مارية، ليس هذا وقت (التريكو). اذهبي وابحثي عن الستائر لنغطي بها النوافذ. ويجب أيضاً أن نغير للميت ملابسه ونقوم له بكل ما يلزم
على أن ماريا لم تتحرك، وبرغم أنها كانت منهوكة القوى كان يظهر عليها دلائل فرح مرير، فقد كان يبدو لها أنها تحررت مرة واحدة من قيود عنيدة مؤلمة، كانت تقول بصوت منخفض مخاطبة عمتها (آن):