للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الفصل في نبوة المتنبي من شعره]

للأستاذ عبد المتعال الصعيدي

- ٢ -

وتوجد قصيدتان تنسبان إلى المتنبي في هذا العهد، إحداهما قالها وهو بأرض نخلة، وهي ديار بني كلب الذين يقال إنه تنبأ فيهم وهي هذه القصيدة:

كم قتيلٍ كما قُتِلْتُ شهيدِ ... ببياضِ الطُّلي ووَرد الخدودِ

وعيونِ المهَا ولا كعيونٍ ... فتكتْ بالُمتَيَّم المعمود

دَرَّ دَرُّ الصِّبا أأيامَ تجْرِ ... يرِ ذيولي بدار أثلة عودي

عمْرَكَ الله هل رأيتَ بدورا ... طلعتْ في براقع وعقود

رامياتٍ بأسهم رِيشُها الهُدْ ... بُ تشق القلوبَ قبل الجلود

يَترَشَّفْنَ من فَمي رشفات ... هُنَّ فيه أحلى من التوحيد

كلُّ خَمصَانَةٍ أَرَقَّ من الخم ... ر بقلبٍ أقسى من الجلمود

ذَات فرعٍ كأنما ضرب العن ... بر فيه بماء ورد وعود

حالكٍ كالْغُدَافِ جَثْلٍ دَجُوِج ... ىٍ أَثِيثٍ جَعْدٍ بلا تجعيد

تحمل المسْكَ عن غدائرها الرِّ ... يحُ وَتفْترُّ عن شتِيتٍ برود

جمعتْ بين جسم أَحمدَ والسُّقْ ... م وبين الجفون والتسهيد

هذه مهجتي لديك لَحِيْنى ... فانقصى من عذابها أو فزيدي

أهل ما بي من الضنا بطلٌ صي ... د بتصفيف طُرَّةٍ وبجيد

كلُّ شيء من الدماء حرام ... شربُه ما خلا دم العنقود

فاسقنيها فدًى لعينيك نفسي ... من غزال وطارفى وتليدي

شيبُ رأسي وذلتي ونحولي ... ودموعي على هواك شهودي

أيّ يوم سررتني بوصالٍ ... لم تَرْعُني ثلاثةً بصدود

ما مُقامي بأرض نخلةَ إلا ... كمُقام المسيح بين اليهود

مفرشي صهوة الحصان ولك (م) ... ن قميصي مسرودة من حديد

لأمةٌ فاضةٌ أضاةٌ دِلاصٌ ... أحكمت نسجها يدا داود

<<  <  ج:
ص:  >  >>