أين فضلي إذا قنعتُ من الده ... ر بعيش مُعجَّل التنكيد
ضاق صدري وطال في طلب الرِّز ... ق قيامي وقلَّ
عنه قعودي
أبداً أقطع البلاد ونجمي ... في نحوس وهمتي في سعُود
فلعلي مؤمِّلُ بعض ما أب ... لغ باللُّطف من عزيز حميد
لِسريٍ ّلباسُهُ خشنُ القط ... ن ومرُويُّ مرْ وَليس القرود
عش عزيزا أو مت وأنت كريمٌ ... بين طعن القنا وخفق البنود
فرؤوسُ الرِّماح أذهبُ للغي ... ظ وأشفى لغلِّ صدر الحقود
لاكما قد حييتَ غير حميد ... وإذا متَّ متَّ غير فقيد
فاطلب العِزَّ في لظىً وذر الذُّ ... لَّ ولو كان في جنان الخلود
يقتلُ العاجز الجبان وقد يع ... جز عن قطع بخنق المولود
ويُوَقى الفتى المخسُّ وقد خوَّ ... ض في ماء لبَّة الصنديد
لا بقومي شرفت بل شرفوا بي ... وبنفسي فخرتُ لا بجدودي
وبهم فخر كل من نطق الضا ... د وعوذُ الجاني وغوث الطريد
إن أكن معجباً فعُجبُ عجيب ... لم يجد فوق نفسه من مزيد
أنا تربُ الندى وربّ القوافي ... وسمامُ العدى وغيظ الحسود
أنا في أمة تداركها الل ... هـ غريبٌ كصالح في ثمود
ويجب قبل أن ننظر في هذه القصيدة من جهة اتفاقها مع دعوى النبوة التي تنسب إلى المتنبي، أن ننبه إلى أن النبوة لا تتفق مع صناعة الشعر، لأن الشعر العربي إلى ذلك الوقت كان صناعة أوزان وكلام، ووظيفة النبوة أسمى من أن تتقي بقيود الشعر، أو تعني عنايته بزخرف اللفظ، أو تعتمد اعتماد على الخيال، وقد أشار إلى هذا قوله تعالى في سورة يس: (وما علمناه الشعر وما ينبغي له إن هو إلا ذكر وقرآن مبين -) كما يشير إلى ذلك وإلى بعد النبوة مما كان يلابس الشعر من اللهو والعبث قوله صلى الله عليه وسلم: لما نشأت بغضت إلى الأوثان، وبغض إلى الشعر، ولم أهم بشيء مما كانت الجاهلية تفعله إلا مرتين، كل ذلك يحول الله بيني وبين ما أريد من ذلك، ثم ما هممت بسوء بعدهما حتى