كان ريكاردس أرملاً يعيش مع ابنته الوحيدة. وكان كثير التنقل من مسكن إلى مسكن، ولكنه لم يترك لوندرا في وقت من الأوقات. وكانت المساكن التي يقيم فيها من النوع الحقير الذي تؤجر فيه كل غرفة على حدة، وتدفع أجرتها مقدماً
وكان كثيراً ما يلجأ إليه المجرمون للاستشارة، فيفتيهم بما يدفع عنهم العقاب أو يجد لهم الوسيلة للخلاص. ولكنه هو نفسه لم يكن مجرماً، وإن أعتمد في رزقه عليهم وعلى مؤلفات صغيرة يضعها عن المجرمين والإجرام
كان أكثر زواره من طبقة الحدادين والنشالين واللصوص المبتدئين وخدم المنازل. وكانوا يطلقون عليه لقب (العلامة لتفننه في ضروب الحيل) وكان يقول لهم إنه قضى الشطر الأول من شبابه طالباً في جامعة اوكسفورد، وإن له أصدقاء من بين الوزراء واللوردات. وكانوا يجدون أمامه كل ما زاروه أكداساً من الكتب، ومجاميع من صور العظماء. وكانت بنته فيوليت ذهبية الشعر جميلة العينين رشيقة القد. وهي تقوم في المنزل بكل أنواع الخدمة، من الطبخ إلى الكنس إلى مشترى الحاجات من السوق. وكانت زكية نشيطة، وقد بدأ أبوها يحد من حريتها ويراقبها مراقبة شديدة لما بلغت عامها الرابع عشر. وذلك لأنه لاحظ أن بعض زواره كانوا يغمزونها بألاحاظهم، وظن أنها كانت تنتهز فرصة يكون فيها غافلاً فتبسم لاحدهم. وقد لاحظ مرة أو مرتين أنها تركته في أثناء حديث له معتذرة بعذر من الأعذار. ولكن اتضح أن العذر مكذوب، وأنها خرجت لتحادث أحد الشبان على السلم وكان في مثل هذه الحالة يغضب ويحتد ويطرد زائرهُ ويأمره بعدم العودة، ثم يستدعي فيوليت فيأمرها بملازمة حجرتها
وفي يوم من الأيام استأذنته فيوليت في الذهاب إلى السينما مع أحد أصحابها فقال:(كلا لا تذهبي)