للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الموسيقى عند العرب]

للأستاذ قدري حافظ طوقان

مقدمة

قد يعجب البعض وقد يؤدي هذا العجب إلى القول: ما علاقة صاحب هذا المقال بالموسيقى؟ وهل هذا الفن يقع في دائرة اختصاصه حتى يتمكن من الكتابة فيه؟ وما هي الفائدة التي ستعود على القراء إذا عرفوا أن للعرب أو للمسلمين فضلا فيه؟ ولماذا كل هذا الاهتمام بتراث السلف الذين مضوا بخيرهم وشرهم؟ أما آن الأوان للاهتمام والانعكاف على شيء جديد حاضراً لنفع ممتع؟ أجوبتي على هذه الأسئلة ستكون بالجملة! فإجابة على السؤالين الأولين أقول إن الموسيقى هي من بحوث الصوت، والصوت فرع من فروع علم الطبيعة، وعلم الطبيعة هذا في العلوم التي نشتغل بها ونهتم بماضيها وحاضرها، بتطورها ونموها. وأما الجواب على الأسئلة الباقية فيمكن أن يتخلص في أن الأمة التي تريد أن تصل إلى ما تصبو إليه من تقدم وسؤدد يجب أن تهتم بماضيها، وأن تربطه بحاضرها، وان تأخذ من الحضارة الحالية ما فيها من عناصر صالحة وبالقدر الذي يتلاءم ونفسيتها وتقاليدها بحيث لا يضيع شيء من مميزاتها، وان تضيف هذا إلى ما في حضارتها من عناصر خالدة، بذلك تستطيع أن تخرج حضارة جديدة تمد سلسلة التاريخ الفكري للعالم، وبذلك تكون قد قامت بواجبها نحو تاريخها وتراثها ونحو المدنية والبشرية

نبذة في أطوار الموسيقى

الموسيقى من الفنون الجميلة ومن أهم العوامل التي تترجم عن نفسية الأمة وطبائعها، وهذا الفن طبيعي في البشر، فالإنسان يرغب في الموسيقى يطرب منها وترتاحنفسه لها، وهي لغة العواطف، وقد تكون هي الوحيدة من بين الفنون التي يطرب لها الحيوان. هذا الميل الغريزي في الإنسان دفعه إلى الاعتناء بها فاهتم لها المصريون من قديم الزمن وبلغوا فيها شأواً بعيداً، وأبدع فيها اليونانيون وأحلوها محلها من الاعتناء والاهتمام، وكذلك الرومان فانهم اعتنوا بها فأخذوها عن اليونان وزادوا عليها؛ وفي الشرق اهتم لها الصينيون واليابانيون وبرعوا فيها واخترعوا آلات كثيرة من ذوات الأوتار، وظهر منهم من انتقد

<<  <  ج:
ص:  >  >>