زرت جملة من بيوت البدو عاليها ومتوسطها وفقيرها. فوجدتها كلها تتحد في نوعية النسيج التي صنعت منه، وفي النظم التي اتبعت في إقامتها منذ القدم
أما الفروق التي بينها، فمن حيث الحجم وازدياد الأثاث، وإن محتويات تلك الديار بسيطة ساذجة بوجه عام، ولا تشمل إلا أهم الأدوات الضرورية للحياة المتقشفة. على أن من أكبرها وأعمرها وأكثرها تحضراً، دار ملك البادية شيخ مشايخ شمر
زرت هذه الدار، فإذا بها دار طويلة عريضة، متينة الأوتاد قوية الحبال، مهفهفة الجوانب. كلها من نسيج صوف الأغنام والجمال، على شكل دهليز طويل مقسم إلى حجر، وهذا التقسيم إما بالنسيج أو بالحصير (السمار)، وأرضها مفروشة بالأكلمة أو بالسجاد العجمي الجميل أو بالحصير؛ ويتبع هذه الدار على مسافة قريبة جدا منها دور أخرى، منها ما يختص بالمطبخ أو بالمخازن الخ
وصف الحجرة التي استقبلتني السيدات فيها
خباء من الشعر في أحد أطراف الدار عن يمين الداخل إليها طالما تخيلناه وتمنينا رؤيته، وضع في الجهة اليسرى منه نوع من السرير العريض، عليه فراش وثير مغطى بغطاء من الحرير الخالص الملون. وإلى جانبه (شلت) زرابي مبثوثة على الأرض المغطاة بالسجاد العجمي، وتحت السرير حقائب وصناديق، تبنت فيما بعد أن بها ملابس وحليا، وحلوى تقدم للزائرات
كانت السيدة الأولى التي استقبلتني ابنة الشيخ عجيل الياور، وهي فتاة رائعة الحسن: لون خمري جميل، وخد أسيل، ولحظ كحيل، ووجه مستدير عليه وشم قليل. إذا تكلمت فكأنما صوتها موسيقى الجنة العذبة قد انبعثت إلى عالمنا، دلال في وقار كالنسيم إذا سرى، وكالزهر إذا تمايل