اسمها ملك وهي ملك حقا، تفيض رقة إذا حودثت، وتذوب عاطفة إذا استلهمت، حياء في غير تعمل، وشمم في غير تكبر. عرفتني بعدد من زوجات أبيها وأخيها، كلهن كحيلات الطرف أو متكحلات، يغطى الوشم الأخضر أجزاء من وجوهم وأجسامهن، فمنهن من غطى كل ذقنها برسومه، أو زججت حاجبيها به، ومنهن من وشمت شفتها بحيث لا تظهر حمرتهما، وإنما اندمج لون الوشم مع لون الشفاه فصار اللون أخضر داكنا. وبعضهن طرزن قبب أعينهن برسوم غريبة، هذا والحناء تخضب أناملهن وأكفهن وكعوبهن
أما (ملك) فكانت في زينتها وأناقتها تفوقهن جميعاً رقة ودقة وملاحة
سألتها كيف تمضى أوقاتها، فقالت إنها لا تعمل شيئاً (هذا لأنها ابنة ملك البادية بالضرورة) قلت: ولكن ألا تضجرين؟ قالت: بلى، ولكن هنا ماكينة خياطة أخيط عليها أحياناً. قلت: وهل تقرئين وتكتبين؟ قالت في غضاضة وألم: لا، إنهم لم يعلموني. قلت: وهل لك شقيقات؟ قالت: لا، أنا وحيدة. قلت: إذن تفضلي معي إلى مصر وأكون أختا لك والدار دارك أنت. توهجت وجنتاها بالدم العربي النقي ولمعت عيناها، وانحبست أنفاسها، ثم قالت في حرارة: لا يسمحون (تعني أباها وأخاها) قلت: قد يسمحان، قالت: قولي لهما
وفعلاً سألت أخاها (لأن والدها كان قد سافر إلى بغداد) إذا كان مما يتمشى وتقاليدهم أن تسافر البنت إلى بغداد أو إلى مصر مثلاً، فقال: هذا ضد نظام العشائر. فسألته لماذا لا تتزوج (ملك) فقال: هي لا تريد، ومن جهة أخرى حتى يتيسر من يناسب مقامها (فهمت من سياق الحديث أن الزواج هناك يجري على أساس سياسي بحيث تصير بعده مصاهرات صداقة واكتساب قوة للعشيرة)
الملابس
أعجبت بثياب تلك البدوية، فعزمت على أن أرتدي زياً كاملا منها حتى أصوَّر به. وأسرعت فأخرجت من صندوق تحت السرير، ثوبين من الحرير أحدهما أحمر والآخر أخضر، باردان طويلة واسعة. فارتديت هذين الواحد فوق الآخر
ثم ارتديت معطفاً من الجوخ الثمين يقارب طول الثوبين، وردنه طويل واسع مفتوح إلى نصف الذراع، ثم ارتديت معطفاً ثانياً من الجوخ أيضاً أقصر من الأول وعلى نظامه فيما عدا ذلك، وهما مزركشان بتطريز جميل. ووضعت على رأسي نوعين من الغطاء، أحدهما