إليك وإلى إخواني عندك أقدم أصدق التحيات، ثم أذكر مع الأسف أن المنهاج الذي رسم لحضوري وحضور الأستاذ (الزيات) لزيارة السودان لم يظفر بالتحقيق، فقد قضى الأستاذ (الزيات) أسابيع بالمنصورة وهو مريض، ثم منّ الله عليه بالعافية بعد فوات الوقت الذي يسمح بتأهبه لحضور مؤتمركم المرموق. أما أنا فقد صدّتني شواغل لو عرفتموها لأكرمتموني بالصفح الجميل. فلم يبق إلا أن أرسل إليكم هذا البحث ليلقيه الأستاذ (محمد حسنين مخلوف) بالنيابة عني، أو يلقيه أديب من الخرطوم أو من أم درمان، وسينشر هذا البحث في (الرسالة) مع أيام المؤتمر، ليكون تحية جهرية تؤيد بها مصر جهادكم النبيل
فماذا أريد أن يذاع باسمي في ناديكم بأم درمان؟
أريد أن أتحدث عن العقبات التي تعترض السائر في الطريق إلى الوحدة العربية بلا مواربة ولا تلميح، لأني أومن بأن عندكم من الفتوّة ما يوجب الخروج على الرموز في مثل هذا الشأن الدقيق، ولأني أفهم جيداً أنكم من طلائع الجيل الجديد، ومن الإساءة إليكم أن يرسل إلى ناديكم كلام ملفوف تعوزه صراحة الصدق وشجاعة الإيمان
ثم أواجه الموضوع فأقول:
كثر التحدث في هذه الأيام وقبل هذه الأيام عن (الوحدة العربية) وذلك يشهد بأنها كادت تصبح من الغايات القومية في الشرق العربي. . . وهل يمكن أن تدور (فكرة) على ألسنة الملايين من العرب، بدون أن يكون لها في قلوب تلك الملايين مكان؟
إن هذه الفكرة لم تدر على الألسنة إلا بعد أن تأصلت في القلوب، فماذا نصنع لوقايتها من العواصف التي تثور من حين إلى حين؟
نترك السياسة جانباً، السياسة الدولية، وننظر إلى هذه الفكرة من الوجهة القومية، فمصايرنا