لم تمض سنوات قلائل بعد إذ وضعت الحرب الكبرى أوزارها حتى أخذ النقاد المسرحيون - ولا سيما في أمريكا - يتلفتون حولهم، ويتساءلون ماذا أصاب المسرح بعد الذي أصاب العالم من تقتيل وتخريب؟ وقد ذهب كثير من النقاد الأمريكيين إلى أوربا يجوبون أطرافها ويدرسون أحوال المسرح فيها، مارين بإنجلترا بادئ الأمر، حيث هالهم ما أصاب المسرح الإنجليزي من الانتكاس المؤلم، وما عراه من الشعبذات التي لم تكن قط مما يروج في سوقه، أو ينفق في ناديه. . . ثم ذهبوا بعد ذلك إلى فرنسا ثم إلى إيطاليا، فإلى بلجيكا، فإلى ألمانيا وروسيا. . . ثم عادوا أدراجهم إلى أمريكا ليكتبوا، ولينقدوا المسرح الأوربي، ولينشروا في ذلك المؤلفات القيمة وغير القيمة، ثم ليثنوا على هذا المسرح، وليقدحوا في ذاك، مما أوجد في أوربا رد فعل عظيم أرهف الآذان وفتح الأعين، وكان سبباً في حركة إصلاحية مباركة تضافرت جميع القوى في القيام بها بالاشتراك بين الهيئات الحرة وجهات الاختصاص الحكومية
ولقد كان الناقدان الأمريكيان: كِنثْ ماك جَوَانْ - و - روبرت إدموند جونس في مقدمة الذين ألفوا في هذا الموضوع، إذ أصدرا كتابهما الفذ المسمى: (البراعة الأوربية في الإخراج المسرحي - صرحا فيه بانحطاط المسرح الإنجليزي وتخلفه عن المسرح في القارة الأوربية واضطرارهما إلى تجنب الكلام عنه وتناول الإخراج فيه تبعاً لذلك في حين أنهما أثنيا الثناء العطر على المسرح الأوربي فيما عدا إنجلترا من الممالك الأخرى. وقد جاء إلى أوربا ناقد أمريكي آخر هو الأستاذ ستارك يونج فجاب معظم ممالكها، متفقداً حالة المسرح في كل منها، ثم عاد ليكتب فصوله البارعة في مجلة أمريكا الشمالية وهي تلك