إذا كان رجال العلم في الأقطار الغربية يترصدون كل اكتشاف ويرقبون كل اختراع يوفق إليه التفكير الإنساني أيان كان التماعه ومن أية أمة كان انبثاقه، وإذا كنا نحن في بد نهضتنا لا يتتبع منا إلا النذر اليسير خطوات العلم في مجاهل الجسم البشري ومجالات الطبيعة في مختلف مظاهرها، فقد حق علينا على الأقل أن يستوقفنا ما يوقف إليه الباحثون من أبناء وطننا، وأن يهتم الخاصة والعامة منا بأية ظاهرة من ظاهرات العبقرية التي تتجلى من حين إلى حين في أبنا هذه السلالة العربية الشرقية كأنها تباشير الشفق ودليل انبعاث لعهدنا القديم
لقد أراد البعض ممن يدعوننا إلى اتباع القافلة العلمية الغربية أن يدعوا تفرد السلالات الآرية في الذهنية الاستقرائية قائلين: إن ذهنية الشرقي لا تخصب ألا بالاستحياء والاستلهام من النفس، وإنها تقصر في مجالات التدقيق أما الظاهرات الكونية، وأن ليس لنا نحن أبناء السلالة السامية ألا الاقتباس والعمل بما يكتشف الغرب، فقلنا لهم: إن أجدادنا قد تسلموا تراث العلم مما سبقهم من الشعوب ودفعوا به إلى التكامل وتوسعوا فيه وزادوا عليه، فما أقنعهم دليل الواقع في التاريخ القديم؛ غير أن الزمان يمشي بخطواته والشرق العربي يستعيد أمه في يومه ويتهيأ لوثبته الكبرى في غده، فيعلم دعاة التقليد في مجال التفكير أن الله لم يخلق العقل من مغانيم متعددة متفاوتة الصفات في جماجم الناس؛ وأن الشعوب إذا انفرط شملها على سبل الثقافة في عواطفها وتمتعها في حياتها فأنها لا تجد أمامها إلا صراطاً واحداً في التفكير، وهي متجهة إلى العلم ومعرفة الحقائق الواحدة في جوهرها
هذه كلمة لم أر بداً من إيرادها عطفاً إلى ما سبق لي نشره في مبحث الشرق والغرب لا تدرج إلى قول كلمة في ظاهرة من مظاهر نهضتنا العلمية يحق لنا أن نباهي بها، وقد أقرها من الغرب من لهم ردُّ ما بني على التوهم والاعتراف بما يؤيده العلم الصحيح
من الأمراض التي أضلَّت أسبابها الباحثين قديماً وحديثاً داء الروماتزم أي الالتهاب