للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[سليمان العبسي]

في ديوانه (مع الفجر)

للأستاذ احمد الفخري

خلني أصهر الحياة شيدا=وأذيب الوجود في إيماني

ربما مزقت أناشيدي الحم_راء بعض القبةدعن أوطاني

أنا لو أستطيع أرسلت أنفا_سي شواظا من مارج ودخان

أهكذا تنصرم الأيام كاللمحة الخاطفة؟ أحقاً تسع سنين قد مضت على لقائنا الأول؟ تاالله لكان ذلك كان بالأمس. . ولئن استطاع أن يفرق الزمانشملنا فهو اعجز من أن يهزم الذكريات. . ذكريات تلك اللحظات الحالمات. . وهل هن من حلم الحياة إلا يقظةالعمر!

يا لحظة النشوان لا تعبري ... ما أنت إلا عمري السرمدي

في صالة الاستراحة في دار المعلمين العالية ببغداد كانت عيون منجذبة إلى فتى جالس وحده، كانوا يحدقون النظر به ثم يتهامسون فيما بينهم حتى رابني أمره فسألتهم ما شأنه؟ فقالوا - وملؤهم إعجاب - هذا فتى نابغة من لاجئ (الإسكندرونة) رحمها الله، وهو شاعر جبار، فزاد اهتمامي به، وتأملته فإذا شاب هزيل الجسم، كليل البصر يضع على عينيه منظار لا يلائم شبابه الغض، ونظرت إلى عينيه فبدتا أول وهلة زجاجتين زرقاوين خابيتين لا تعرفان الاستقرار، فلما أمعنت النظر لمحت من ورائهما بريقا عميقا لم تستطع النظارة ولا قصر النظر إطفاءه.

ذلكم وهو سليمان العبسي شاعر الشباب الرقيق وشاعر الفتوة العربية بحق، ذلكم الذي صهرته عواطفه وإذا بته مآسي هذا الوطن المتلاحقة، سليمان الذي يقول:

ألقيت في الإعصار روحي ... وسقيت من قلبي جروحي

أنا لست أغنية الهوى ... بل صرخة الأمل الذبيح

والذي يقول:

أنا لو أنني خلقت جماداً ... كنت أولى قذائف البركان

وبعد فعسير على أيها القارئ أن انقد شعر سليمان نقدا علميا منظما لأني لا أستطيع أن

<<  <  ج:
ص:  >  >>