بارك الله في سيرة أبن الخطاب حياً وميتاً. أي رجل كان؟
إنه ليعمل ما دام يذكر، وإن أثره بعد موته بأربعة عشر ألف سنة لمن أكبر آثار هذه الحياة الخالدة. فإن أكثر من عشرين ألف شاب في مقتبل الحياة يشغلون اليوم عقولهم ونفوسهم بفهم العظماء العمرية في شتى مناحيها، وليس أنفع للشاب الناشئ من عرفانه بهذه السليقة العظيمة وهذا الخلق العظيم.
ومن أحب الأشياء إلى أن أتلقى في البريد، حيناً بعد حين، سؤالاً من طلاب العلم الناشئين يدل على عنايتهم بالنفاذ إلى حقيقة هذا الرجل النادر الذي يقل نظراؤه في تواريخ الأمم كافة. فإن العقول الفتية لن تسمو في أفق النبوغ بمعراج أشرف من هذا المعراج ولا اوثق منه في اساسه المكين.
وقد أخذت نفسي بالإجابة عن كل سؤال من هذه الأسئلة ينتظره مؤلف الكتاب من قرائه المجتهدين في استيعاب معانيه. وحدّ هذه الأسئلة أن تدور على الموضوع ولا تنحصر في معاني المفردات، لأن المفردات من شأن المعجمات التي تتداولها الأيدي وليست من صميم الموضوع الذي يرجع فيه إلى المؤلفين.
ومن هذه الأسئلة هذا السؤال من الأديب صاحب الإمضاء قال بعد تمهيد نشكره عليه:
(. . . . لقد كنا نقرأ في باب إسلام عمر فغمضت علينا نقطة فأردت أن أرسل إليكم كتاباً أرجو فيه التوضيح، وترددت كثيراً ولكني تشجعت وكتبته. فأود أن تفسحوا صدركم الرحب لهذا السؤال.
(ذكرتم في باب إسلام عمر أنه بعد أن أسلم أبى إلا أن يخرج ليضر به أناس كما كان يضرب أناساً في سبيل ذلك الدين، وأنه سار إلى الناس يضربونه ويضربهم إلى آخر ما في هذه القصة، وهي إن اتفقت مع عدل عمر وحبه للمساواة، فإنها تناقض مهابته وشجاعته. إذ من كان يجرؤ على أن يمد نظره - فضلاً عن يده - إلى عمر رضي الله عنه وهو الذي تنحنح مرة والحجام يقص شعره فما كان من الحجام إلا أن ذهل عن نفسه وكاد أن يغش عليه. وكذلك في قصة هجرته التي رواها علي رضي الله عنه: قلتم إنها تدل