أخرج أستاذنا العلامة أحمد الأمين كتابه فجر الإسلام، وهو أحد أجزاء ثلاثة بهذا الاسم، تقسمت بينها تاريخ المسلمين الفكري والأدبي والسياسي في الصدر الأول
ثم تقدم أستاذنا ليبلغ بالبحث نهاية العصر العباسي الأول، فأخرج الجزء الأول من كتابه ضحى الإسلام عام أول، وامتد به البحث فأخرج الجزء الثاني هذا العام، ومضى ليخرج الجزء الثالث والجزء الرابع إن شاء الله
وقد تلقى الناس كتب الأستاذ بالقبول، وأفوه حقه من الثناء، ونالت الكتب من الذيوع والانتشار ما هي جديرة به، ولكن هذا الثناء لا يكفينا ولا يجدي علينا كثيرا. فهذه الكتب تتناول تاريخ الحضارة الإسلامية في أعظم نواحيها أثناء القرنين الأولين، وفيهما كان نشوء الحضارة الإسلامية ونمائها، واختلاف الآراء وتنازعها. ولم تدرس هذه الموضوعات على هذا النسق من قبل، فواجب على كتاب المسلمين، وكل من يعنى بتاريخ الحضارة الإسلامية أن يجعلوا من هذه الكتب مدار بحث ونقد، ويشتقوا منها أبحاثا تبلغ بهم الغاية أو تقاربها، وتكمل ما يكون في الكتاب من إيجاز. وفي ذلك معاونة المؤلف في عمله الشاق. فإنا إذا بحثنا فقلنا للمؤلف أصبت أو أخطأت وأدلينا بالحجة فقد أعناه على بلوغ غايته، وسررناه بالاهتمام بما اهتم به. علينا أن نتلقى هذه الكتب بالبحث المتصل وللنقد المخلص لله والحق، ونجعلها قطبا لطائفة من المناقشات حتى ننير، على قدر الطاقة، ما أظلم من جوانب الحضارة الإسلامية
وقد هممت منذ صدر الجزء الأول من ضحى الإسلام بالكتابة عنه ثم حالت حوائل حتى ظهر الجزء الثاني. ثم لم أفرغ للكتابة عنه في هذا العدد الممتاز من الرسالة، فبادرت بدعوة الناس إلى الكتابة واعدا أن أكتب في الأعداد الآتية ما يتيسر لي في ضحى الإسلام
وقد قلت في كلمتي القصيرة التي قلتها في حفلة تكريم أستاذنا العلامة أني وبعض أصحابي عزمنا أن نقرأ الكتاب ونكتب عنه في دار الأستاذ المؤلف ثم عرفت آسفا أن صفحات الرسالة أقرب إلينا من دار الأستاذ وأوسع فموعدنا الأعداد الآتية