اذكروا وأنتم اليوم بسبيل التشاور في تجديد وحدة العرب أن الركن الأول من أركان دينكم هو التوحيد، وان العمل الأول من أعمال نبيكم كان المؤاخاة
اذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً؛ واذكروا إحسان النبي إليكم إذ كنتم أشتاتاً فجمع شتيت شملكم فأقمتم على وحدته ملكاً وسلطاناً.
اذكروا لماذا نذكر صاحب الهجرة في كل أذان وفي صلاة من كل يوم. هل نذكر اسمه مع اسم الله تعبدا به؟ معاذ الله فما يكون الشرك غير هذا؛ إنما نذكر الله ونذكر بعد محمداً كما تذكر القاعدة ومعها المثل، أو النظرية وبعدها العمل. لان الله يوحي والرسول يبلغ، ويأمر وهو ينفذ، ويشرع وهو يطبق. فنذكر الله استحضار لأوامره ونواهيه وتلك هي القدرة؛ وذكر الرسول استحضار لأفعاله وأقواله وتلك هي القدرة
اذكروا أن الوحدة هي التي أمكنت العرب في الأمس البعيد من تراث كسرى قيصر، وهي وحدها إلى تستطيع في الغد القريب تنقذهم من وراث (موسو) و (هتلر)
قولوا للمعوقين منكم والمخلفين عنكم: إن العصبية التي توسوس في بعض الصدور بالرياسة والسيادة والعزة إنما كانت في تاريخنا الحافل بالأحداث والعبر علة العلل في انشقاق العصا، وانقسام الرأي، وانحلال العقدة، وانتشار الأمر، وتعديل الدول. هي النعرة التي قالت يوم السقيفة: منا أمير ومنكم أمير. وهي الهامة التي خرجت من قبر عثمان وظلت تصحيح على دار الخلافة: نحن هاشميون وأمويون! نحن قيسيون ويمنيون! نحن علويون وعباسيون! نحن عرب وشعوبيون! نحن اثنتان وسبعون فرقة تتقاطع في الدين، وتتعادى في الدنيا، وتزعم كل فرقة منها أنها الناجية! نحن ثلاثة خلفاء في وقت واحد: عباسي على عرش بغداد، وأموي على عرش قرطبة، وفاطمي على عرش القاهرة، ولكل خليفة منهم شأن يغنيه، وعدوان مع الباغين على أخيه!
اذكروا كل أولئك يا زعماء العرب واستاروا بسيرة نبيكم في السياسة، واستنوا بسنته في الحكم، فإن محمد بن عبد الله الذي اثر أن يكون نبياً عبداً على أن يكون نبياً ملكاً قد ساس الناس في عهده سياسة دينية بين علي وبلال، ولا بين قريش وباهلة. لم يسسهم عليه السلام سياسة وطنية، لأن الوطن محدود والدين لا حد له. ولم يسسهم سياسة قومية، لأن القوم جماعة متميزة لا تعرف العموم، والدين إنسانية شاملة لا تعرف الخصوص. ومن كان