- (لا، بل يخيل إلي أنه مجرد من كل عواطف الحنان والمحبة، وهو بالفعل عاطل من كل ما يسمو بالإنسانية عن حضيض البهيمية الخرساء التي يرسف فيها ويجعل بها حياتي معه ضرباً من الشقاء والتعاسة لا مثيل له).
- (لا أفهم! بل الذي سمعته هو أنه يحبك حباً لا حد له، إنه يكاد يعبدك!).
- (يعبدني! هه. . . إنه يعبد جسمي فقط يا أختاه! إنه وثني شرير!).
- (يعبد جسمك فقط؟ ماذا تقولين يا روحية؟).
- (آه يا أمينة! كم يخجلني هذا الحديث الذي يدور أكثره عن اللحم والجنس، ولا يدور شيء منه عن القلب والروح؟. . . يا لتعاستي!).
- (يبدو لي أنك وجدانية أكثر مما يجب يا صديقتي!).
- (وجدانية؟ إن النبع الوحيد الذي تصدر عنه الفضائل هو الوجدان يا أمينة؛ إن الأنبياء والشعراء والفنانين لا يفهمون الحياة إلا عن طريق الوجدان؛ بل الله جل وعلا حين خاطب الناس في كتبه المنزّلة لم يخاطبهم إلا عن طريق بصائرهم، والمؤمن الحق هو كل صاحب بصيرة نيرة ووجدان سليم وقلب نابض رقيق. . . والحب، الذي ينبغي أن يكون أساس كل حياة زوجية، أليس هو أصدق صورة لل. . .).
- (صار حديثنا فلسفة! يا روحية احمدي الله على أن رزقك زوجاً لا يقصر في شيء من طلباتك. . . زوجاً غنياً ذا سمعة طيبة. . . له مركزه في الحياة).
- (هذا حق. . . ولكن الحياة ليست قصراً منيفاً وأكلة سمينة وخزاً وديباجا. . . إن هذه الأشياء أحقر ما تصبوا إليه نفس عالية يا صديقتي، ألا تفهمينني؟).
- (بل أفهمك جيداً؟ أنت شاعرة، وكنت تحلمين بزوج شاعر! أفيقي يا أختاه إلى حقيقة هذه