الحياة الدنيا! الدنيا جد فلا تجعليها حلماً طارئاً وخيالاً مغرقاً في خيال. ماذا كنت تريدين بيومي أفندي أن يكون؟).
- (يا أمينة أنت تقسين علي قسوة شديدة. يا أمينة أنت فتاة متعلمة مثلي، وقد طالما حلمنا بزواج هنيء يتصل بالروح أكثر مما يتصل بالجسم. . . أنت على حق، لا ريب في ذلك، فيما يتعلق ببيومي من الوجهة المادية. هو رجل غني، ولكنه فقير جداً في ثقافته، فقير جداً في حساسيته، فقير جداً في فهما الدنيا الجديدة والحياة الجديدة. . إنه يأكل جيداً ويلبس بأناقة ويشتري لي الجواهر والحلي بسخاء. . . ولكنه يمزق كتبي ويخرق رواياتي ويعنفني كلما رآني أقرأ مجلة، وإذا أحببت أن ألعب على بياني برم وتسخط وتكلم بصوت عال ليفسد موسيقاي، والويل لي كل الويل إذا استأذنته في رياضة إلى الريف أو في متنزه عام. . . إنه يحنق، وسرعان ما يتهم، وهو إذا اتهم كان كالبركان يقذف بما فيه دون وعي. . . إنه لا يطاق. . . إنه بهيم يا أمينة. . . إنه بهيم، وأستحي أن أزيد!!).
- (وما هذا الذي تستحين من ذكره؟ أيستعمل ال. . .).
- (يستعملها؟. . . إنه يحب أن تكون لياليه كليالي ألف ليلة. . . وهو يتقنن في ذلك، وهو بذلك يرهقني ويضاعف بلواي، وهو يجعل لياليّ جحيماً مستمراً وشقاء مستديما. . . تشممي بخيالك فمه القذر الملوث الكريه، الذي تتصاعد منه مع رائحة الخمر ألف رائحة، يعبث بفمي وخدي ووجهي عبثاً وحشياً لا حنان فيه ولا تلطف، عبث الذئب الجائع الحمل البريء. . . أمينة. . . ارحميني. . . بحسبنا هذا الحديث الطويل. . . وإلى الملتقى. . .!).
ولم تدر هذه الزوجة التعسة أنها كانت تشكو بثها إلى غريمتها الشقية التي كانت تحاول جهدها أن تصيد هذا الزوج الغنيّ الشهوانيّ! المتلاف وأن تقسر خيره كله: مالاً ودماً على نفسها! لم تدر الزوجة التعسة أنها كانت تفعل ذلك، وأنها كانت تعد السم لنفسها وتضعه بيدها الساذجة البريئة في كأسها!
لقد حاولت روحية بكل الوسائل أن تصلح من حال بيومي أفندي؛ كانت تعظه مترفقة به، وكانت لا تغلط عليه إما خوفاً من بطشه بها، وإما إبعاداً في محاولة التأثير عليه بالأسلوب الرقيق والبيان الرشيق والروح الطيبة والقلب البار، وكانت تنيله منها للذة الوحش، ثم