تنتزع منه الوعد بعد الوعد بالتوبة عن الخمر وهجر المخدرات، وكان يخبث ويمكر فيصغي إليها حين تنهض إلى بيانها فتوقع لحناً أو نصف لحن، ولكن البهيم الثاوي بين أضلاعه كان يهيج به فينهض فجأة ويحتملها بينذراعيه الجبارتين ويمضي إلى المخدع.
لقد كان يعبد جسمها عبادة! ولكنه لم يكن بؤمن بجسم واحد! بل كانت له آلهة كثيرة وأرباب متعددة، يخلو إلى أي منها كلما أمره شيطانه أو هاجه هواه. . . وكانت أمينة الفاجرة إحدى هذه الآلهة، وقد عبدها أول ما عبدها في منزله. . . حينما كانت تزور زوجته اليائسة التعسة، فسمع صوته المخنث وضحكها الفاسق يرن أرجاء المنزل، فزلزل قلبه، ومادت نفسه، وسال لعاب شيطانه المجرم إلى قطف الثمرة المحرمة. . . التفاحة المشئومة التي ما زالت تينع وتتأرج، وتملأ الدنيا باللذات الوضيعة والفسوق والخباثات.
ولم يكن من العسير على بيومي أن يصيد هذا الصيد، فلقد غافل زوجه وشك قلب أمينة بغمزة قوية قاتلة من عينه الصنَاع فحمست إليه أولى رسائل الغي، وأول وحي الضلال؛ وسهل عليهما بعد ذلك التلاقي في أقاصي لمدينة، هذا في غفلة من زوجه، وهذه في غفلة من أعين الرقباء.
لكن أمينة كانت فتاة تعمل على أن تصيد لا أن تصاد، لذلك كانت تمني بيومي ولا تقع في شراكه، وكانت تشتري منه ولا تبيع له، وكانت موقنة أنه لها يوماً من الأيام، وكان لا يهمها أن يشتغل قلبه بالعصبة القوية من الساقطات اللائى يتجرن بأعرضهن، فهي تعرف، إذا خلص لها أمره، كيف تعالج هؤلاء بالنعْل، لا بالأسلوب الرشيق والبيان الرقيق كما تعودت روحية أن تصنع! وكان لأمينة من جسمها الممتلئ وقوتها الخرافية كنز مدخر ليوم الفصل بينها وبين غريماتها.
وضاقت روحية ببيومي وبأمينة، ولاحظت ما رابها من سلوكها الأخير، وأفلحت في ضبطهما يتناجيان، فراحت غير مبقية على شيء. . . راحت تفرج عن جمالها الحزين، وانطلقت في المتنزهات ودور السينما تمثل فصولاً من درامة الشباب وتستعيد ذكريات سعيدة وأحلاماً أثيرية محببة. . . ذكريات الحب الذي كانت تعذب به قلوباً غضة وأنفساً رطبة، وأحلام الماضي القريب الذي أفلت بالهناءة كلها من يديها. . . راحت ترسل من عينيها الساجيتين سهاماً تعرف كيف تحيي بها آمالاً قضى عليها هذا الزواج التعس النكد،