للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[نظرية العامة للالتزامات في الشريعة الإسلامية]

للدكتور شفيق شحاته

٣

ملاحظات موضوعية على المؤلفات - أول ما يلاحظ على الفقهاء أن نظرهم لم يتجه أثناء وضعهم للحلول إلى طريقة تطبيق أحكامهم. فتلك الناحية العملية لا تكاد تظهر خلال جدلهم وأبحاثهم

على أن هذا ليس معناه كما ادعاه بعض المستشرقين أن التشريع الإسلامي لم يوضع إلا على أنه مثل أعلى، يوصى باتباعه، وأنه في الواقع ونفس الأمر، لم تتبع أحكامه في الدول الإسلامية فإنا، وقد رجعنا في بحثنا إلى كثير من الأوراق البردية المثبتة للوثائق القانونية مما كان يجري به التعامل في العصور الأولى للإسلام، وإلى أحكام محكمة مصر الشرعية القديمة، ويرجع بعضها إلى أكثر من خمسمائة سنة خلت، نستطيع أن نؤكد فيما يتعلق بموضوع الالتزامات أنه لم يكن هناك تشريع أو قواعد أخرى متبعة في المعاملات سوى قواعد الشريعة الإسلامية.

وإذا كانت هذه القواعد قد خولفت بالفعل في بعض الأحايين، فقد كان ذلك خضوعاً لظاهرة معروفة، وهي أن الاحتياجات العملية تخلق دائما بجانب التشريع قواعد أكثر مرونة تلطف من حدته.

من ذلك - وهذا في نظرنا، دليل على حيوية التشريع الإسلامي - ما وضعه الفقهاء من (الحيل) لتلافي بعض ما وضعوه من القواعد التشريعية الجامدة

على أن هذه الحيل تندمج تماماً في الهيكل التشريعي، لأنها لا تصدم قاعدة من قواعده، فهي عبارة عن عقود أو إقرارات صورية، تنطبق عليها الأحكام التي وضعت للصورة التي اتخذتها لا لحقيقتها، وقد ساعد على نجاح هذه الوسائل قواعد الإثبات وأحكام الصورية في التشريع الإسلامي

فالحيل إذن ستكون محل دراستنا، على أنها الجانب الحي للتشريع الإسلامي، وهي قد كانت موضعاً لعناية (محمد) نفسه وهو أحد واضعي المذهب

وتظهر أيضاً الناحية العملية للفقه الإسلامي من خلال كتب (الشروط)، وقد عنيت هذه

<<  <  ج:
ص:  >  >>