إن طرق المساومة التي يتبعها المصريون في معاملاتهم تضايق كثيراً من لم يتعودها. فعندما يستفهم العميل عن ثمن سلعة، يطلب منه التاجر أكثر مما يرجو كسبه. فيستكثر المشتري السعر ويعرض على البائع نصف المبلغ أو ثلاثة أرباعه فيرفض التاجر؛ غير أنه يخفض سعره، فيعرض العميل بدوره مبلغاً زائداً نوعاً. وتستمر المساومة هكذا حتى يصلا إلى سعر وسط فتتم المبايعة. وأعتقد أن السائحين الأوربيين يذمون التجار المصريين بغير حق، وذلك بعد أن تحققت أن أكثرهم لا يكسبون أكثر من واحد في المائة. ويعمد من يجد سلعة توافقه ويبغي اقتناءها بثمن زهيد إلى المساومة مع التاجر طويلاً. فيصعد إلى مصطبة الدكان ويستريح، ثم يحشو شبكه ويشعله ثم يبدأ النقاش الذي يستمر طويلاً. وقد يقطع التاجر أو العميل المبايعة بأحاديث غير مناسبة كأنه عزم على ألا يناقش في الأمر أكثر من ذلك. ولا تلبث المساومة أن تعود. ويتناول خادم العميل من التاجر بعد إتمام الصفقة وانصراف سيده، نفحة صغيرة من المال. ولا يتردد الخادم في طلب هذه النفحة إذا لم يقدمها التاجر من تلقاء نفسه. ويقام في أغلب أسواق القاهرة مزايدات في أيام محددة مرة أو مرتين في كل أسبوع. ويتولى هذه المزايدات دلالون يستأجرهم أصحاب الشأن من الأفراد أو التجار. ويرفع الدلال البضاعة في يده معلناً الأسعار ويصيح:(حراج) وكثيراً ما يعمد أفراد الطبقة السفلى عند إتمام صفقات بأبخس الأثمان إلى الصياح والإشارات، فيظن من يجهل اللغة العربية أن طرفي المساومة يتشاجران وأن الغضب قد بلغ منهما أشده. وقد يستفهم المرء عن ثمن ما يبيعه الفلاحون فيقولون تقبله (هدية) واثقين أن المستفهم لن