[حسن، مرقص، كوهين]
خرج الثلاثة من مسرح رتز، ثم جلسوا في قهوة من قهوات عماد الدين يعقدون صفقة من صفقات الربا الفاحش، يطلبها حسن، ويطبخها مرقص، ويقدمها كوهين. فلما اتفقوا وذهب حسن يشتري كمبيالة مطبوعة من مكان قريب، اقبل مرقص السمسار على كوهين المرابي يسأله في خبث:
مرقص: أتدري لماذا يقترض حسن منك هذه الخمسمائة جنيه ليؤديها إليك بعد عام ستمائة وليس مأزوماً ولا محروماً ولا صاحب مشروع؟
كوهين: وما فائدتي في أن أدري؟ إن غاية ما يعنيني من شؤون زبوني أن أعرف مقدار الفائدة وميعاد الدفع. أما غير ذلك فهو لا يملأ كيساً ولا يعمر خزانة!
م - ربما يعنيك في هذه المرة أن تعرف سبب الاقتراض!
ك - هل يريد حسن أن ينتج بهذا المال بنكاً للصرافة؟ أم هل يريد أن يقرضه زبوناً آخر أقدر بفائدة أخرى أكبر؟
م - لا هذا ولا ذاك
ك - إذن أرحني من الحديث في شيء لا يمر ولا يحلى.
م - وإذا كان يريد أن يتبرع بهذا القرض لفلسطين العربية؟
ك - يا رحمة الرب! ويا لقسوة القدر! ويا لرجم إسرائيل! أنا؟ أنا أعين على قومي بمالي؟!. . . ونظر فرأى حسناً مقبلاً وفي يده الكمبيالة، فكظم على جرته، وبسط ما تغضن من جبهته، ثم قال لحسن وهو يمد يده إليه بالكمبيالة ليملأها:
لقد بدا لي يا حسن بك أن أؤجل عقد الصفقة إلى موعد آخر! ذلك أدنى أن تنظر في أمرك أو أنظر في أمري؛ فربما وجدت لك دائماً أسهل، ووجدت لي مديناً أفضل!
فقال له حسن ومخايل الدهش والعجب والامتعاض تختلط على وجهه:
ح - ولكنك درست المسألة منذ أيام وانتهيت إلى أنفي وفي ملئ. . . فما عدا مما بدا؟
فبادر مرقص إلى الجواب وفي عينيه نظرة توحي، وعلى شفتيه بسمة تغري:
م - بلغه على ما يظهر أنك تقترض لتساعد عرب فلسطين!
ح - وماذا في هذا؟ أليس كوهين مصرياً مثلي ومثلك، وطنه مصر، وقومه المصريون، وإخوانه العرب، وحاخامه ناحوم الذي قال: يهود مصر مصريون لا صهيونيون!