كان كغيره في القبيل يعكف على (نهم): يرجو رحمته ويخشى عذابه، ويتقرب إليه زلفى. . . وكان على سنة آله يسعى إلى معبوده بالقربان ويؤدي إليه بعض حقه، يدرأ بها غضبه، ويبتغي بها مرضاته!
كان في هذا على آثار آبائه مقتديا، ولكن شيئا من القلق كان يغمز على قلبه، ولكن جمرات من الشك كانت تلسع ضميره، ولكن أقباساً كانت تبدو لعقله حيناً بعد حين فتشعره أنه يخبط في ظلمات. . .
أهو الهدى يبدو له، أم هو الضلال توسوس به نفسه؟
وصبر أو تصبر. . .
وأتى يوماً إلى (نهم) يصب له لبناً، وإن فيه لإيماناً يمتزج بالشك، ونوراً وظلمة يتصارعان. . . على أنه قدم قربته المتواضعة خاشعاً، ثم أنصرف. . .
كانت نفسه تبتغي طمأنينة وهداية، فإما أن تعالج إيمانها بنهم، وإما أن تطرح هذا الإيمان طرحاً، لتؤمن إيماناً حقاً بإله لا ترتاب في أنه حق. . .
وحانت منه التفاتة عارضة لمعبوده، فما كان أبلغ دهشه! لقد رأى - ويا عجباً - كلباً يشرب اللبن المقدس، والمعبود مغلوب على أمره: أصم. . . أبكم. . . أعمى. . .
وتريث قليلا. . . فرأى الكلب وقد فرغ من اختلاس قربة المعبود العاجز يرفع رجله فيبول عليه!