أفتتح هذا المقال بكلمتين: الأولى أن الدكتور الفاضل احمد فريد الرفاعي مشكور على ما يبذل من جهد في نشر الآداب العربية، معترف له بالهمة العالية. وليس يذهب بجهده، ولا يحط من همته، أن تقع في الكتب التي ينشرها أغلاط، ولكن يشين الأدباء جميعاً إلا يبين له الغلط ليبتغي الوسيلة إلى تجنبه
والكلمة الثانية أوجهها إلى أستاذي الجليل الشيخ عبد الخالق عمر الذي اعترف كل حين بفضله، وانطوي ما حييت على حبه؛ فقد شرعت أنقد الكتاب وليس أمامي إلا الناشر ومن ورائه وزارة المعارف. ولما تبينت أن لأستاذي الفاضل شركة في العمل لم اعد هذا النقد موجهاً إليه، ولا حسبت هذه الأغلاط مأخوذة عليه، لأن هذا العمل على اضطرابه لا يمكن أستاذنا من الأشراف على التصحيح، والتصرف في الآمر على قدر علمه الواسع وبحثه الدقيق. ولو وكل الآمر إليه ما وقعت في الكتاب هذه المأخذ.
ثم أمضي في نقد الجزء الثاني (أو القسم الثاني من الجزء الأول، في تجزئة ياقوت) متجاوزاً عن بقية مآخذ الجزء الأول، بادئاً بأغلاط المتن فمثنياً بمآخذ التعليق. وأُذكر القارئ بما قلته في مقالي الأول أن هذا النقد نقد تمثيل لا استقصاء، وأني لا اثبت إلا الغلط الذي أدركه بالنظرة الأولى، تاركاً إلى حين الجمل التي يحتاج تصويبها إلى مراجعة وبحث
ص ١٠ أبيات أولها
فإن تسأليني كيف أنت فأنني ... تنكرت دهري والمعاهد والصَّبِرَا
وسائر الأبيات على روي الباء المطلقة، مثل عزبا، الدربا. فلست ادري كيف سها الناشر عن اختلاف القافية في الأبيات؟ وكيف يتفق هذا السهو مع عنايته بشكل الصبرا، وهوغلط آخر، فالصبر هو المادة المرة المعروفة، وما أظن الناشر أراده، والوزن لا يحتمله فهذه كلمة واحدة تنوء بثلاثة أغلاط