للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من الأدب الغربي]

عندما يسأم الشاعر الحياة

للأستاذ إبراهيم سكيك

يتعرض كل إنسان لفترة من الزمن تطغى عليه في خلالها موجة من اليأس يرى الحياة وهو يخوض عبابها عابسة ممطرة لا يتلذذ بجمالها أو يبتسم لمفاتنها؛ ولا يؤخذ بسحرها أو يبهر بروعتها، فتبدوا له بدائع الكون كئيبة قاتمة تبعث على الملل والضجر فينبعث منه أنين خافت وتأوه مكبوت، ويتردد في نفسه خاطر الحزن واليأس، وتستعر بين جوانحه لوعات الشجن والأسى، ويلم بخياله طيف الموت والفناء، ولا يزال على هذا الحال من العذاب والشقاء حتى ينبعث نور من الأمل يبدد دجنة الحياة وديجور اليأس.

وقد مرت هذه الفترة اليائسة بكثير من شعراء العاطفة والوجدان فأذكت قرائحهم الشعرية وألهبت حواسهم الشعرية فنفحو الأدب بما جاد به براعهم من نظم ونثر. وفي هذا الموضوع من الأدب الإنكليزي أترجمه إلى قراء العربية:

أقتبس أولا قصيدة للشاعر المعروف (ملتون) الذي كثيرا ما يشبهه الأدباء بالمعري قالها عند ما كف بصره وتسرب اليأس إلى نفسه وهذه ترجمتها:

عندما أفكر في نفسي كيف فقدت نور بصري قبل أن أقطع نصف الشوط الذي قد اقطعه في هذا العالم المظلم الرحيب، وكيف أن تلك الموهبة الأدبية التي تكمن في نفسي ولا ريب أن في كبتها قتل لتلك النفس التي ترغب في استغلالها لخدمة خالقها وتقديم واجباتها إليه لئلا ينحى عليها باللائمة، عندما أفكر في كل ذلك اتساءل بلهف: هل يتطلب الله مني العمل في حين أنه يضن على بنور البصر؟.

بيد أن (الصبر) يوقف هذه الشكوى ويبدد حيرتي فيجيب على تساؤلي قائلا (ليس الله في حاجة إلى عمل الناس ومواهبهم، وأن أولئك الذين يتحملون نيره اللطيف ليخدموه الخدمة الكبرى. نعم يخدمه أولئك الذين يقفون منتظرين قضاءه من غير ضجر أو ملل. أما هو جل جلاله ففي غنى عنا؛ لأن ملكوته عظيم يسعى في مرضاته ألوف الملائكة الذين يجوبون البراري والبحار دون تعب أو نصب.!!

وهذا الشاعر الروائي (سكوت) (١٧٧٠ - ١٨٣٢) يصف منظر رائعا بفقد روعته التي

<<  <  ج:
ص:  >  >>