وعلمه يخفق على مستعمرات مسخرات بأمره، وحليفته الغنية القوية
تسأله جاهدة أن تصل عمرها بعمره!
ولا تقل أنه ديجول؛ فإن الجنرال لم يشتهر بأية ملحمة، ولم يعرف بتدبير خطة محكمة. وجملة أمره أنه تشبث يوم الهزيمة بطائرة فهرب، ثم لجأ إلى لندن وطلب فأعطته لندن ما طلب! ولكن قل معي: إن خليفة نابليون ووارث بطولته وعبقريته هو الجنرال أوليفا روجية دكتاتور فرنسا في سورية!!
وجه كوجة البومة عليه المومياء، ورأس كرأس النعامة فيه رعونة الكبرياء، وشخص كتمثال الموت في يده منجل الفناء، وصوت كنعيب الغراب يردده في أجواز الفضاء:
(أخفق نابليون في استعمار مصر فأنا أستعمر سوريا، وعجز نابليون عن تدمير عكا فأنا أدمر دمشق!! وكان في يد هذا المغرور بقية من عتاد الحلفاء فيها القاذفات والدبابات والرشاشات والبنادق؛ وكان من حول هذا الممرور طغمة من عبيد السنغال غلاظ المشافر سود الأكباد حمر العيون يعملون كالآلة من غير وعي. وكان إخواننا السوريون قد نظروا في أمرهم وأمر هؤلاء فلم يجدوا لهم مزية عليهم؛ فلا هم قدوة في حسن الخلق، ولا حجة في صحيح العلم، ولا قوة في نظام العالم؛ وإنما هم أمة أمرضتها رواسب اللاتينية فاستكانت لعوامل البلى، حتى إذا ابتليت بهذه الحرب انخرعت فلا تقم، وانماعت فلم تتماسك. فلو كان بينهم وبينها أسباب من فتح أو عهد لأعادوا النظر فيها بعد انهيارها المخزي؛ فكيف والسبب الذي انقطع كان أوهن من خيوط الباطل؟ ولكن مسيخ نابليون يصمم على البقاء وإن أبدعت الحجة، ويصر على المعاهدة وإن فقدت الثقة! فهو يجلب المدد ليعزز العدد، وينصب المدافع ليحصن المواقع، ويتحدى حمية العرب الذين كان آباؤهم يحملون السيوف ليقودوا الأمم، أيام كان آباء هؤلاء من (الغال) يحملون العصي ليقودوا الغنم! فلم يكن بد من قبول التحدي، ووقف الكماة الأباة العزل يثقلون برءوسهم قنابل النار، وبصدورهم قذائف الرصاص دون أن يفروا كما فر في (سدان) خلفاء نابليون