واذكر قول صديقنا الزيات:(ليت الذي صبغ وجوه المصابيح باللون الأزرق استطاع أن يصبغ به وجه القمر. . . إن بزوغ القمر أمسى نذيراً بالغارة، ودليلاً للجارة إلى قتل الجارة)
واسمع من يقولون:(لقد أوشك القوم أن يخيفونا من الأقمار. . .) فأقول: ومتى خلت الأقمار من الأخطار؟
لقد كان آباؤنا ينتظرون من كل قمر سهماً إلى قلب، واليوم ننتظر من كل قمر قذائف نيران!
إنه تقدُّم الزمن!
وهل تتقدم الأيام، إلا لتظهر القذائف بعد السهام؟!
وتخيلت شاعراً من أصحاب (الاختراعيات) وممن يقرنون بين الاستحداث والطيارات والدبابات، يتغزل فيقول:
قمري رمى بقذيفة من عينه ... وأذابني برصاصه ولجيته
وأطار نومي فانتفضت لأنني ... أنا هالك بحضوره وببينه
فناديت بيني وبين نفسي: الأمان الأمان. الكهوف أسلم من هذا الزمان، والعقول أحوج إلى المخابئ من الأبدان!!
قال بعض الفضلاء من قضاة المصريين:(متى نفهم هؤلاء الغربيين أو يفهمونا؟. . . إنهم يكتبون من الشمال إلى اليمين، ونحن نكتب من اليمين إلى الشمال. وهم يدخلون المعبد فيخلعون القبعة، ونحن ندخل المسجد فنخلع الحذاء. وهم يحبون فيغتبطون ويشكرون، ونحن نحب فنتأوه ونتألم. وهم يذكرون الشمس ويؤنثون القمر، ونحن نذكر القمر ونؤنث الشمس. وكل أولئك نقيض من نقيض. فمتى نفهم هؤلاء أو يفهمنا هؤلاء؟)
خطرت لي خاطرة ذلك القاضي الفاضل وأنا أذكر الغارات وأقمارها، والأقمار وأخطارها، فعاودني العجب من تذكيرنا القمر وتأنيث الغربيين إياه، وتساءلت: ماذا في القمر من