ما يستطيع إنسان أن يجهل أن الأستاذ نقولا الحداد عالم أصاب من العلم نصيباً كبيراً، وأديب ضرب في الأدب بسهم وافر، وهو بين هذا وذاك في نشاط مستمر ودأب لا يستقر، يخرج على الناس - دائما - بقصة مستملحة أو بحث طريف، وهو سباق إلى الجلي، فهو أول من نشر باللغة العربية كتابا مسهبا في نظرية النسبية لأينشتين، وهو من أوائل من نشروا بحوثا مستفيضة عن الطاقة الذرية. وكتاب (عالم الذرة) من الكتب الجليلة الفريدة في نوعها، أحاط بتاريخ الذرة منذ أن كانت خيالا في أذهان العلماء، لا تسمو إليها التجارب العملية، ولا ترقى إلى كنهها العقيدة الراسخة، إلا تكهناتفرضية، أو معادلات رياضية، إلى أن أصبحت شرا مستطيرا تعصف بالزرع والضرع والناس في طرفة عين.
ولا يسعني - بعد إذ استوعبت كتاب الأستاذ نقولا كله - إلا أن أهمس في أذنه فأقول: يا سيدي، قد يعجز العالم عن أن يكون معلما، وذلك حين لا يستطيع أن ينزل إلى مستوى تلميذه، أو أن يرقى بتلميذه إلى مستواه هو. وأنت في كتابك أردت أن تكون معلما. . . ولكن. . .
ولقد كان يخيل إلى وأنا أهم أن أقرأ الكتاب أنني سأجده كتابا وسطا على نمط كتبه (كيلاواي) في الذرة، أو ما كتبه غيره من علماء الغرب. ولكن كتاب (عالم الذرة) كان بحثاً عالياً عرض لنظريات العلماء الذريين منذ رثرفورد وموزلي عرضا علميامختصراً. ثم تحدث عن ترتيب العناصر الدوري لندليف دون أن يوطئ لهذا الحديث بكلمات تكون بمثابة المدخل.
وإن القارئ ليحس اضطرابا في الصفحات الأولى من الكتاب وكان الأجدر بالأبواب الثلاثة الأولى أن تكون على النظام الأتي: