تحدثت إلى قرائي في جريدة (البلاغ) بعددها الصادر في اليوم الثامن من يونية الحالي عن بعض ما عرفت في (عبد القادر حمزة بين محرريه، وعبد القادر حمزة بين ذويه، وعبد القادر حمزة بين الجلال والحنان والدمع الغزير)
وأوثر أن يكون حديثي إلى قراء (الرسالة) حديثاً أدبياً يلائم أمزجتهم، ويوائم بينها وبين شعوري بالرغبة في حديث لا نهاية له في سيرة الرجل الذي تعلمت منه قارئاً ناشئاً، وأخذت عنه كاتباً شاباً، وقويت صلتي به في أثناء اشتغاله بطبع كتابه التاريخي الأخير، وعلى حين غفلة استرد هذه اليد مني ليتوارى عني، صاعداً بالروح إلى السماوات العلا حيث الحقيقة الكبرى التي ظل يبحث عنها طوال نصف قرن قضاه ضيفاً على الأرض.
وليس في نيتي أن أرسم لك صورة من أدبه - وإن كنت لا أنكر أن في نيتي العودة إلى رسم هذه الصورة على صفحات (الرسالة) نفسها - وإنما أريد اليوم أن أقف على (هامش أدب عبد القادر حمزة)، كما وقف هو على (هامش تاريخ مصر القديم)، فأسوق إليك لوناً من الروح الذي كان يحدوه وهو يفكر تفكيراً أدبياً، ثم يهديه وهو يسجل ثمار هذا التفكير:
على هامش ترجمته
ولكي تعرف كيف كان عبد القادر حمزة يترجم إلى العربية بعض كنوز اللغات المختلفة، فيبدع إبداعاً وفق فيه بين الأمانة الممكنة والسلاسة التي عرف بها، ثم ينفرد أخيراً بخاصة إخضاع الكلمات للمعاني التي يريدها، وخاصة صوغ العبارات التي تؤدي بقوة تماسكها وبساطة مفرداتها نفس المعاني. . . لكي تعرف بعض سر هذه الحقيقة، ينبغي أن تعرف رأي الفقيد في الترجمة، فإذا عرفت مدى تهيبه ضخامة المهمة الملقاة على عاتق المترجم،