للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من برجنا العاجي]

حدث في الأسبوع الماضي أمر أحب أن أسجله هنا:

هو قيام القيامة في الجامعة ضد كتابين قيمين، لأنه قد ورد فيهما طعن في الإسلام.

لا أريد أن أنظر إلى الأمر من ناحية التفكير الحر، ولا من حيث تأثير

هذا الموقف في الحياة العقلية لبلد متحضر ولكني أريد أن أبحث

المسألة من جهة الدين نفسه. وهنا يبدو لي العجب: لماذا كل هذا الفزع

كلما وقع بصرنا على عبارة تمس الإسلام؟ إن الكتب التي عالجت

المسيحية وتعرضت للمسيح بالطعن والتجريح تطبع وتنشر في أوروبا

المسيحية دون أن يخشى أحد على كيان المسيحية. ذلك أن الجميع

يعلمون أن الأوان قد فات للخوف من مثل هذه الصيحات، وأن

المسيحية التي عاشت عشرين قرناً لا يهدمها عشرون كتابا. كذلك

نستطيع أن نقول في الإسلام أن هذا الدين المتين الذي عمر نحو أربعة

عشر قرناً وثبت لإحداث الزمان وشاهد دولاً تدول وعروشاً تزول

وشعوباً تولد وإمبراطوريات تقام، لا يمكن أن يتعرض للخطر أمام

كتاب يؤلف أو عبارات تقال. إن هذا الفزع منا لأكبر مسبة لدين

عريق عميق. كذلك يدهشني أن ينشأ هذا الفزع في جامعة عصرية،

يؤمها شباب قد قطع مراحل الطفولة والصبا الأول وانغرست في قلبه

العقيدة الحارة، فلا خوف الآن عليه من مناقشة المسائل العقلية في جو

الحرية.

إني أعتقد دائماً أن صحة العقل وصحة العقيدة كصحة الجسم لا بد لها من الهواء الطلق حتى تكتسب المناعة. وأن حبس العقيدة والعقل في قفص من الزجاج خوفاً عليهما من

<<  <  ج:
ص:  >  >>