للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[أندلسيات:]

أبو الفضل بن شرف

الشاعر الفيلسوف

للأستاذ عبد الرحمن البرقوقي

(الناظم الثائر، الكثير المعالي والمآثر، الذي لا يدرك باعه، ولا يترك اقتفاؤه واتباعه؛ إن نثر رأيت بحراً يزخر، وإن نظم قلد الأجياد دُرّاً تباهي به وتفخر، وإن تكلم في علوم الأوائل بهرج الأذهان والألباب، وولج منها في كل باب؛ وقد كان أول ما نجم بالأندلس وظهر، وعُرف بِحوْك القريض واشتهر، تُسدّد إليه السهام، وتنتقده الخواطر والأوهام، فلا يصاب له غرض، ولا يوجد في جوهر إحسانه عرض، وهو اليوم بدر هذه الآفاق، وموقف الاختلاف والاتفاق، مع جري في ميدان الطب إلى منتهاه، وتصرف بين سماكه وسهاه، وتصانيف في الحكم ألف منها ما ألف، وتقدم فيها وما تخلف، فمنها كتابه المسمى يسر البر، ومنها الكتاب الملقب بنجح النصح وسواها، من تصانيف اشتمل عليها الأوان وحواها). . . هذا هو كل ما قاله الفتح بن خاقان في ترجمته لهذا الأديب الشاعر، الفيلسوف، النطاسني أبي الفضل بن شرف. وقد جرى الفتح في هذه الترجمة على شنشنته في سائر تراجمه، فلم يذكر اسم المترجم له، ولا اسم أبيه ولا منشئه، فضلاً عن أنه أغفل تاريخ مولده ووفاته. . وكذلك لم نر لغير الفتح ترجمة لهذا الأديب الكبير يصح أن تسمى ترجمة يعول عليها. . . ولكنا مع هذا أترانا لا نعرض لترجمة أمثال هذا الأديب البارع المتفنن الذي نبغ منه شعرٌ شاعر وحكمة بالغة وكان إلى ذلك نطاسياً عظيما، كما يؤخذ من كلام الفتح، ومن ثم يعد بحق من مفاخر الأندلس؟ وما قيمة عملنا إذا نحن ضربنا الذكر صفحاً عن مغموري أفاضل الأندلس أولئك الذين لم يوف المؤرخون تراجمهم حقها. .؟ وإياك والظن أنا نعني بقولنا مغمورين أنهم لم يكونوا مشهورين في عصورهم، وإنما نعني أنهم مغمورون في نظر أدباء هذه الأجيال. وقليل لعمري من سمع منّا بهذا أبي الفضل بن شرف سماعه مثلاً بابن هانئ وابن خفاجة وابن زيدون وابن عمار وابن وهبون وابن عبدون وأمثالهم ممن اضطرب ذكرهم وكانوا من المشهورين

<<  <  ج:
ص:  >  >>