[من روائع الشرق والغرب]
المساء
لشاعر الحب والجمال لامرتين
قال لامرتين: (كنت منذ شهور قد فقدت موضوع الحماسة والحب، فذهبت أقبر نفسي في ظلام العزلة عند أحد أعمامي في قصر (دورسي) لدى تلكالجبال الموحشة الشجراء من أعالي بورجونيا، وهناك نظمت هذه الأبيات في تلكالغاباتالتي تحيط بذلك القصر)
أقبل المساء وهمدت الأصوات، وأنا أجالس على الصخور الجرد أتابع بنظري مركبة
الليل وهي تتقدم في معامي الفضاء
ثم لاحت الزهرة في حاشية الأفق، وأرسل الكوكب العاشق على الأرض ضوءه المخفي،
فشعشع تحت قدمي خضرة الروض
ومن دوحة الزان ذات الورق الفينان واللون الأحوى، أسمع اختلاج الأغصان، كما تسمع
خفقان الأشباح بين أجداث الموتى
وعلى حين فجأة انفصل من كوكب الليل شعاع تسلل إلى جبهتي الساهمة، ومس في لينٍ
عيني الحالمة
أيهذا الانعكاس اللطيف للكرة الملتهبة! أيها الشعاع الباهر ماذا تبتغي مني؟ أجئتتحمل إلى
أحشائي المضطربة قبس النور إلى نفسي وعيني؟
أهبطت من السماء لتفضي إليَّ بسر العالم، وتلقي عليَّ دفائن هذا الكوكب الذي يعيدك
النهار إليه؟
هل أرسلتك عناية خفية إلى البؤساء، لتضيء قلوبهم بنور الرجاء؟
هل هبطت لتبدد الظلام عن وجه الغد لتلك القلوب الكسيرة التي تضرع إليه؟
أيها الشعاع الإلهي أأنت فجر ذلك اليوم الذي لا انقضاء له؟
إن قلبي يشتعل في ضوئك، وشعوري يتملكه مرح مجهول، وفكري منصرف إلى أولئك
الذين ضحا ظلهم في الحياة؛ فهل أنت أيها الضوء اللألاء، أرواح أولئك الأحباء؟
أنا أشعر بأني أقرب ما أكون إليهم! فلعل أرواحهم السعيدة قد لبست صورهم البعيدة، ثم
عادتتطوف بهذه الربوع، وتجوس خلال هذه الغيضة