- أو ليس البواسل من الرجال يحملون الموت، لأنهم يخشون ما هو أعظم من الموت شراً؟
- هذا صحيح
- إذن فكل الناس ما خلا الفلاسفة شجعان، إلا إنها شجاعة من الخوف والوجل. وإنه لعجيب ولا شك أن يكون الرجل شجاعاً لأنه مذعور جبان!
- صحيح جداً
- أو ليس هذا بعينه شأن المعتدلين؟ إنهم معتدلون لأنهم مفرطون - قد يبدو ذلك متناقضاً، ولكنه مع ذلك هو ما يحدث في هذا الاعتدال الأحمق - فهناك من اللذائذ ما يحرصون على تحصيلها ويخشون ضياعها، فهم لذلك يتعففون عن نوع من الملذات لأن نوعاً آخر قد استولى عليهم، وإذا عرِّف التفريط بأنه:(الخضوع لسلطان اللذة) فانهم لا يقهرون لذة، ألا لأن لذة تقهرهم، وذلك ما أعنيه بقولي إنهم معتدلون لأنهم مفرطون
- يظهر أن ذلك حق
- ومع ذلك، فليس من الفضيلة استبدال خوف أو لذة أو ألم بخوف آخر أو لذة أو ألم، وهي متساوية كلها، أكبرها بأصغرها، تساوي النقد بالنقد. أي عزيزي سمياس، أليس في النقد قطعة واحدة صحيحة هي التي ينبغي أن تستبدل بالأشياء جميعاً؟ - وتلك هي الحكمة، ولن يشرى شيء بحق أو يباع، شجاعة كان أم عفة أم عدلُ، غلا إن كان للحكمة ملازماً، وإلا إن كانت هذه الحكمة له بديلاً. ثم أليست الفضيلة الحق بأسرها رفيقة الحكمة، بغض النظر عما قد يكتنفها من المخاوف واللذائذ أو ما إليهما من لخيرات أو الشرور؟ إلا أن الفضيلة التي يكون قوامها هذه الخيرات التي تأخذ في استبدال بعضها ببعض بعد أن تكون قد انفصلت عن الحكمة، ليست من الفضيلة إلا ظلها، ولا يكون فيها من الحرية أو العافية أو