من واجب (الرسالة) أن تنشر ما يتفضل به عليها الأدباء الزملاء والأصدقاء من صادق النقد وجميل الرأي في كتاب (وحي الرسالة) تسجيلاً للفضل منهم وللشكر منا
قال الأستاذ مصطفى الصباحي في جريدة (الدستور):
كتاب أخرجه للناس الأستاذ أحمد حسن الزيات، وهو جملة من مقالاته التي كان يصدر بها مجلته (الرسالة) كل أسبوع جمعها بين دفتي هذا الكتاب؛ فكان كأنما انتقى من روضة مونقة الربيع أزهاراً ذات أرج خاص في باقة واحدة علم رغبة الناس في تنسم عبيرها، فيسر عليهم سبيل اقتنائها وتشممها والإفادة بما يستروحون له من عبقها دون كبير سعي أو عظيم جهد
وللأستاذ الزيات أسلوب يتميز به على كثير من كتاب العصر، وسياقة لن تجدها لكاتب من أهل العصر، وتفتقدها من لدن ازدهرت اللغة وعمت آدابها في العصر العباسي حتى الآن، فلا تجد إلا نفحات مبعثرة في تاريخ أدبها لا صلة بينها وبين بعضها، فذلك كاتب وقعت له عبارة جزلة، وهذا خطيب أنفق له معنى فحل، وغير هذين جمعت له بعض ألوان من فنون العبارة أو بلاغة المعاني
ولكن قلما وقعت على كاتب وفق في الغابتين فامتلك ناصية العبارة وبرز في خلق المعاني
فأنت إذن حين تقرأ للزيات إنما تجتمع لك طلاوة العبارة وجمال المعاني، وتلك هي الغاية التي تنتهي عندها آداب الكتاب وتقف دونها ملكات المبرزين من أرباب الأقلام
وفي زماننا هذا قل أن يعني الكاتب والقارئ إلا بما وراء اللفظ، فإذا برز إنسان في إيراد المعاني الجليلة واتفقت له سلسلة من الآراء والأفكار القويمة تجاوز النقاد من أهل العصر عن ركاكة عبارته وفساد سياقته
ولقد كنت أعجب للتيار الذي نساق إليه هذه الأيام من إهمال الجانب الأدبي في التحرير، وكنت أرجو أن تنقشع تلك الغمة التي دعيت (تجديداً) وهي ليست من التجديد في شيء. . . إذ قنع المنشئون بمحاكاة أهل الغرب في أخيلتهم والأخذ عنهم في إيراد الأحاديث وتقليدهم في الأوصاف ونحوها من فنون الكتابة دون إعارة أصول الأدب العربي شيئاً من