[ذكرى الملامح التائهة]
للأديب عبد الرحيم عثمان صارو
طاف بالدنيا. . كما طاف الربيع ... بحنايا الأرض بعثا مرسلاً
ساحر ينفث مل بين الضلوع ... لهب الحب شهى المصطلى
في يديه معزف الفن الرفيع ... يرسل اللحن طروباً مثملا
يزدهي الأرواح بالكأس البديع ... ريق الخمرة. . لماح الطلى
قد تزول الشهب أو تبلى الشموع ... وسناه فوق أطواق البلى
ما؟ له والكون نشوان الربوع ... يتساقاه رحيقا سلسلا؛
ونداماه احتشاد وولوع ... فارق الروض وولى معجلا
ما؟ له والكون يشدو بحلاه ... راقص النشوة فياض المرح؛
والليالي مفعمات بهواه ... مد للغيب جناحا. . ونزح؛
أهي الأيام قد آدت خطاه ... بالذي يحمل عن دنيا البرح؟
أهو (الأولمب) نادى بفتاه: ... أيها المتعب: آن المطرح؟
أهو الدهر الذي أترع فاه ... خمرة الشهد وصهباء الملح؟
طاش منه العقل واستلت نهاه ... غمرات من أفاريق الفرح؛
فتولى في تهاويل رؤاه ... ينهل الراح، ويلقى بالقدح
أيها النازح عن تلك الديار ... أيها الغائب: قد طال الغياب
ما عهدناك على رغم السفار ... ممنعا في هجر هاتيك الشعاب
ضفة النيل حنين وإدكار ... تمزج الأدمع بالوجد المذاب
طالعت بالشوق آفاق البحار ... تسأل الموج. . وتستهدي العباب
وتنادي الريح: هل حان المزار ... وحلا الوصل على جمر العتاب
ويحها! لم تحظ من طول إنتظار ... وإرتقاب مستهاب بجواب
يا نجوم الليل. . ياشمس النهار ... فتشي عندك عن ذال الشهاب
أيها التائه في بحر الحياة ... عد تأمل كيف بات الشاطئان
أيها التائه. . إلا عن حماه ... كيف أنسيت هوى تلك الجنان