للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أقوال في الزكاة مهمة، لأئمة]

للأستاذ محمد إسعاف النشاشيبي

أراجع من أجل الطبعة الثانية لكتابي (الإسلام الصحيح) مؤلفات القوم، فأجد في (إعلام الموقعين عن رب العالمين، وفي مفاتيح الغيب، وفي المحلى) هذه الأقوال العظيمة المهمة في الزكاة والمعونة. وهي أقوال لا تسأل راويها تفسيراً ولا تفصيلاً؛ إنها تشرح نفسها، وتعلن أمرها، وتذكر وتنذر، بل تكاد تنطق بالحق مصوتة مثل الأناس الناطقة. وقد رأيت أن أتعجل نشرها في (رسالتنا) الإسلامية، والسبق من دأب (الرسالة) ومن دأبها تعجل الخير.

- ١ -

قال الإمام عبد الله محمد المعروف بابن قيم الجوزية في (إعلام الموقعين عن رب العالمين):

إن عمر بن الخطاب (رضى الله عنه) أسقط القطع عن السارق في عام المجاعة. قال السعدي: حدثنا هارون بن إسماعيل الخراز: حدثنا علي بن المبارك حدثنا يحيى بن أبي كثير: حدثني حسان بن زاهر أن ابن حدير حدثه عن عمر قال: لا تقطع اليد في عذق ولا عام سنة. قال السعدي: سألت أحمد بن حنبل عن هذا الحديث، فقال: العذق النخلة، وعام سنة المجاعة. فقلت لأحمد: تقول به؟ فقال: إي لعمري.

قلت: إن سرق في مجاعة لا تقطعه؟

فقال: لا. إذا حملته الحاجة على ذلك، والناس في مجاعة وشدة. وقد وافق أحمد على سقوط القطع في المجاعة الأوزاعي، وهذا محض القياس ومقتضى قواعد الشرع؛ فإن السنة إذا كانت سنة مجاعة وشدة غلب على الناس الحاجة والضرورة فلا يكاد يسلم السارق من ضرورة تدعوه إلى ما يسد رمقه، ويجب على صاحب المال بذل ذلك إما بالثمن أو مجاناً على الخلاف في ذلك. والصحيح وجوب بذله مجاناً لوجوب المساواة، وإحياء النفوس مع القدرة على ذلك والإيثار بالفضل مع ضرورة المحتاج.

قلت: قد درأ الحد عن السارق في غير المجاعة وفي غير السنة، ففي (سيرة عمر بن عبد العزيز) للإمام أبي الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي:

<<  <  ج:
ص:  >  >>