للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

(. . . حدثنا زياد بن أنعم الألهاني عن عمر بن عبد العزيز أنه أتى إليه بسارق، فشكا إليه الحاجة، فعذره وأمر له بنحو عشرة دراهم)

والمثل يقول: (الخلة تدعو إلى السلة) والخلة الفقر، والسلة السرقة، قال العلامة الميداني: ويجوز أن يراد بالسلة سل السيوف. . .!

- ٢ -

قال الإمام محمد فخر الدين الرازي المعروف بخطيب الري في (مفاتيح الغيب) وهو تفسيره الكبير الشهير:

١ - إن النفس الناطقة لها قوتان: نظرية وعملية، فالقوة النظرية كما لها في التعظيم لأمر الله، والقوة العلمية كما لها في الشفقة على خلق الله، فأوجب الله الزكاة ليحصل لجوهر الروح هذا الكمال وهو اتصافه بكونه محسناً إلى الخلق ساعياً في إيصال الخيرات إليهم دافعاً للآفات عنهم.

٢ - إن الخلق إذا علموا في الإنسان كونه ساعياً في إيصال الخيرات وفي دفع الآفات عنهم - أحبوه بالطبع، ومالت نفوسهم إليه - لا محالة - على ما قال عليه الصلاة والسلام: (جبلت النفوس على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها) فالفقراء إذا علموا أن الرجل الغني يصرف إليهم طائفة من ماله، وأنه كلما كان ماله أكثر كان الذي يصرفه إليهم من المال أكثر - أمدوه بالدعاء والهمة. وللقلوب آثار، وللأرواح حرارة، فصارت تلك الدعوات سبباً لبقاء ذلك الإنسان في الخير والخصب، وإليه الإشارة بقوله تعالى: (وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) وبقوله عليه الصلاة والسلام: (حصنوا أموالكم بالزكاة)

٣ - إن المال سمي مالاً لكثرة ميل كل أحد إليه فهو غاد ورائح، وهو سريع الزوال مشرف على التفرق، فما دام يبقى في يده كان كالمشرف على الهلاك والتفرق، فإذا أنفقه الإنسان في وجوه البر والخير والمصالح بقي بقاء لا يمكن زواله، فإنه يوجب المدح الدائم في الدنيا والثواب الدائم في الآخرة. وسمعت واحداً يقول: الإنسان لا يقدر أن يذهب بذهبه إلى القبر. فقلت: بل يمكنه ذلك إذا أنفقه في طلب الرضوان الأكبر فقد ذهب به إلى القبر، وإلى القيامة.

٤ - إن إيجاب الزكاة يوجب حصول الإلف بين المسلمين وزوال الحقد والحسد عنهم،

<<  <  ج:
ص:  >  >>