للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[لما رأيته رأيت القدر]

(مهداة إلى (علاء) الصغير)

للآنسة جميلة العلايلي

عندما يبتسم يتكلم القدر من بين شفتيه، وعندما ينظر ليتأمل تشيع الفلسفة من عينيه، وعندما يتحرك تعلن الحياة معانيها في أسلوب رمزي فاتن

هكذا كان طفلي الحبيب (علاء) عندما شاهد فلم (آلام فرتر)، وقد رأيته على غير ميعاد وعرفته دون سابق معرفة. . .

إنما فهمته كأنني جالسته الأعوام الطوال، وعاشرت روحي روحه الأجيال. . . جذبت روح الطفل بسماحتها وحلاوتها روحي التي تشرئب دائماً إلى الصفاء الصرف والنقاء الأكيد. . .

وهل يمكن أن يأخذ الصفاء مكانه إلا في معين ذلك الطفل النضير؟ كنت أحاول أن أطالع فلسفة الحياة من عينيه، فكان يولي وجهه ويسبل أجفانه. فهل كان يدري أن الحقائق الأكيدة المسجلة في أم الكتاب مرقومة واضحة في مقلتيه؟ هل كان يدري أن معاني الخلود مرسومة على شفتيه؟ هل كان يدري أن أسرار الوجود منقوشة كظلال من النور على جبينه؟

هل كان يدري ذلك الطفل النضير؟

كان يسأل والده الذي احتضنه بجوانحه، وحباه بعواطفه، كلما تراءت له عواطف الإنسانية في شبه صور متحركة: ما هذا؟ ولم هذا؟

وكان يجيبه الوالد في إيجاز عن الاسم والسبب

ويا للفارق بين فلسفة الصغير وفلسفة الكبير!

الصغير يعرف ويجهل، والكبير يجهل ويعرف!. . .

يا حبيبي البريء، يضلك الوالد عندما يقول لك: الحياة أمامك. مع أن الحياة فيك. . .

لا تتكلم يا حبيبي ودعه يفهمك لتعرف أن الحياة تشوه العقل الفطري بأضاليلها. . .

أنت الفيلسوف الحكيم، وأنت العاطفة المثالية العليا. . .

إنك تفهم أمك، وتفهم والدك، وتحسب أنهما مثلك لهما براءتك وفلسفتك فتخاطبهما بأسلوبك

<<  <  ج:
ص:  >  >>