قال العلامة الأستاذ الأب أنستاس ماري الكرملي في كلمة عنوانها (مباحث عربية) في الجزء الأخير من مجلة (المقتطف) الغراء: (وجدناه (أي صاحب مباحث عربية) استعمل (المنضدة) ص ٢٧ وقد شاعت على يراع كتبة هذا العهد، ناقلاً إياها عن (أقرب الموارد) للشرتوني، أو عن كاتب عثر عليها في المعجم المذكور، فهي لفظة لم ترد في كلام فصيح ولا ترد على أسلة مؤلف بليغ ثقة يعتمد عليه. وصوابها (النّضَد) كما ذكرها أرباب الدواوين اللغوية، وهي من باب تسمية الشيء باسم المصدر)
أقول: قالت (الجمهرة): (النضد متاع البيت وكثر في كلامهم حتى سموا السرير الذي ينضد عليه المتاع نضداً) وفي (اللسان): (سمي السرير نضداً لأن النضد عليه) ونحو من ذلك في (المصباح والتاج)
وقال الإمام الزمخشري في (أساس البلاغة): (المنضدة شيء كالسرير له أربع قوائم يضعون عليه نضدهم)
فسبب التسمية قد ذكروه، وفي اللسان العربي: النضد والمنضدة
الأب أنستاس إذا نقد أفاد، وإذا نقد لم تعدم الأدباء فائدة فله الفضل في كل حالة
من هذيان الحر
تحت هذا العنوان كتبنا مقالاً في عدد مضى من الرسالة سخرنا فيه من الأرستقراطية سخراً أوضح من الصراحة؛ ولكن إفراط الحر على الإفهام في هذه الأيام جعل الأستاذ محرر (همسات الأندية الأدبية) في مجلة (زهرة الشرق) يقرأ المقال على ظاهره فظن أننا (نعرض بحكم الشعب وندعو إلى حكم الأرستقراطية ونتهكم بالعامل والزارع ونفتخر بالأمير والسيد) ثم أراد أن يدلل على صحة ما فهم فساق كلمة من المقال هي غاية التهكم فيه. ولولا رعايتنا لكرامة الكاتب لدللناه على السخرية في الفقرات التي نقلها على الأقل؛ ولكننا نرجو أن يعيد قراءة المقال ليعلم أنه جزء من سلسلة أولها (فلاحون وأمراء) وآخرها (حلم ليلة صيف) وكلها متساوقة الأجزاء إلى الاستهزاء بالأرستقراطية. وليت شعري إذا كان هذا مبلغ الأدباء من فهم الكلام، فكيف يكون حال الجهلاء والعوام؟!