نحن نعلن لأسرة (الرسالة) أن كلمتي (الفوضى) و (الفن المنحط) اللتين اتهمنا بهما لم تخرجا من وحي تفكيرنا، وإنما جاءنا من خلق طائفة من الناس ترى في كل حركة تجديدية خروجاً على التقاليد والأخلاق، وجموحاً بالحرية إلى حد الفوضى، وخطراً في الأنظمة الاجتماعية المعاصرة التي تهيئ لأفراد هذه الطائفة أكبر قسط من الكسب المادي.
إن جماعة (الفن والحرية) حركة اجتماعية بقدر ما هي حركة فنية تعمل للفن من أجل الفن. ذلك أن مظاهر الفكر البشري والعواطف الإنسانية بصورها المختلفة حتى صور الفلسفة العليا منها لا تخرج في نظرنا عن حدود التعبير الناشئ عن اصطراع التيارات المتعاملة داخل الهيئة الاجتماعية.
والمجتمع المصري بحالته الراهنة مجتمع مريض مختل، فقد الاتزان لا في مقاييسه الخلقية فحسب، بل في أوضاعه الاجتماعية والاقتصادية أيضاً. ومثل هذا المجتمع المقبل على النهوض يجب أن تترك فيه الحرية المطلقة للكتاب والمفكرين في نشر آرائهم الجديدة للانتفاع بالحلول التي يعرضونها لعلاج المشاكل المتعددة.
وجماعة (الفن والحرية) فئة من الشباب راعها ما رأت من انحلال عناصر القوة في مصر. فكرست جهودها لدراسة مسببات هذا الانحلال، ولإيجاد الحلول التي ترى أنها قد تعود بالخير على المجموع. فهي ليست متأثرة بحركة أجنبية، وإنما هي حركة مصرية أكثر ما يمكن أن يقال فيها إنها ستكون مهداً لنضوج الأفكار الجديدة التي ستهيئ أسباب التطور لهذه البلاد.
أما إن كان الفن الذي تبشر به جماعة (الفن والحرية) منحطاً أو غير منحط فهذا أمر لا يمكن الوصول فيه إلى نتيجة حاسمة بنقاش يثار على صفحات مجلة من المجلات. وخير من هذا الجدل أن تلبي أسرة (الرسالة) دعوة الجماعة لزيارة معرضها حتى تكون على بينة تدعمها المشاهدة من حقيقة الاتجاهات التي ترمي إليها