مدرس العلوم الاجتماعية بكلية الآداب بجامعة الفؤاد الأول
انتقال اللغة من السلف إلى الخلف: التطور الجبري؛ مظاهره
في لغة الحديث ولغة الكتابة
تتأثر اللغة في تطورها وارتقائها بعوامل كثير يرجع أهمها إلى أربعة طوائف:
(إحداها) انتقال اللغة من السلف إلى الخلف
(وثانيتها) تأثر اللغة بلغة أخرى
(وثالثتها) عوامل اجتماعية نفسية وطبيعية، كحضارة الأمة ونظمها وعاداتها وتقاليدها وعقائدها، وثقافتها واتجاهاتها الفكرية، ومناحي وجدانها ونزوعها، وبيئتها الجغرافية. . وما إلى ذلك.
(ورابعتها) عوامل أدبية، تتمثل فيما تنتجه قرائح الناطقين باللغة، وما تبذله معاهد التعليم والمجامع اللغوية وما إليها في سبيل حمايتها والارتقاء بها.
وسنعالج بإجمال في هذه الكلمة الطائفة الأولى من هذه العوامل، مرجئين الكلام عن العوامل الأخرى إلى المقالات التالية
على الرغم من أن الطفل يأخذ اللغة عن أبويه والمحيطين به، فإن لغة الخلف في كل أمة تختلف عن لغة السلف في كثير من المظاهر، وبخاصة مظاهر الصوت.
ويرجع جزء يسير من نواحي هذا الاختلاف إلى أمور خاصة مقصورة على بعض الأفراد كالعيوب الصوتية التي يصاب بها بعض الناس، وضعف السمع، واختلال أعضاء النطق. . . وما إلى ذلك؛ وليس لمثل هذه الأمور شأن كبير في تطور اللغة؛ لأن آثارها مقصورة على أصحابها، تبقى معهم وحدهم في حياتهم وتختفي بموتهم.
أما معظم نواحي هذا الاختلاف وأكبرها أثراً في تطور اللغة فترجع إلى أمور عامة يشترك فيها جميع أفراد الطبقة الواحدة ويمتازون بها عن أفراد الطبقة السابقة لهم، كالارتقاء