بين عدي بن زيد وعدى بن مر بنا - الأسباب التي أدت إلى وقيعة النعمان بعدي - شعر عدي بن زيد فيما قدم للنعمان من خير، والصلة بينهما، وأعدائه
وثمة شخص آخر لم أقدمه إليك، وهو عدي بن مرينا، من أشراف الحيرة، وأظنك تذكر أنني حدثتك أن المنذر قد دفع بابنه النعمان إلى عدي بن زيد، ودفع بابنه الأسود إلى بني مرينا.
وبنو مرينا هؤلاء منهم عدي. وعدي بن مرينا لم يعجبه ما فعل عدي بن زيد؛ فقد كان يرى الأسود أفضل وأوفق لأن يكون ملك الحيرة خلفاً لأبيه المنذر، ولكن عدي بن زيد كتبه وغلبه على أمره وتدبيره؛ فاختار كسرى النعمان ولم يختر الأسود.
ثم إن عدي بن زيد صنع طعاماً في بيعة، وأرسل إلى عدي ابن صنع طعاماً في بيعه، وأرسل إلى عدي ابن مرينا أن ائتني بمن أحببت فإن لي حاجة، فأتى في ناس فتغدوا في البيعة؛ فقال عدي بن زيد لابن مرينا: يا عدي، إن أحق من عرف الحق ثم لم يلم عليه من كان مثلك، وإني قد عرفت أن صاحبك الأسود بن المنذر كان أحب إليك أن يملك من صاحبي النعمان، فلا تلمني على شيء كنت على مثله، وأنا لا أحب أن تحقد على شيئاً لو قدرت عليه ركبته، وأنا أحب أن تعطيني من نفسك ما أعطيك من نفسي، فإن نصيبي في هذا الأمر ليس بأوفر من نصيبك. وقام إلى البيعة، فحلف ألا يهجوه أبدأ، ولا يبغيه غائلة، ولا يزوي عنه خيراً ابدأ. فلما فرغ عدي بن زيد، قام عدي بن مرينا، فحلف مثل يمينه: ألا يزال يهجوه أبداً، ويبغيه الغوائل ما بقى. ثم قال:
ألا أبلغ عديا عن عدي ... فلا تجزع وإن رئت قوكا
هيا كلنا تبر لغير فقر ... لتحمد أو يتم بها غناكا
فإن تظفر فلم تظفر حميدا ... وإن تعطب فلا يبعد سواكا
ندمت ندامة الكسعي لما ... رأت عيناك ما صنعت يداكا
وتقرب عدي بن مرينا من النعمان بالهدايا وغيرها، حتى أصبح من خاصته، وأصبح له