لا يظهر للقارئ من الكلمة التي أرسلها الدكتور محمد حسني ولاية أن نزعتان جنسيتان، مع أن ذلك هو خاصتهما كنزعتين؛ وإنما يظهر له أن هاتين النزعتين صفتان في البشر عامتان فقط، وأنهما تكتمان آناً وتبدوان آناً آخر على صورة مصطنعة وفجائية.
وربما كان الدكتور ولاية يحب أن يورد النزعتين مردودتين إلى أصلهما البيولوجي، ولذلك كان ما يمكن أن يفهم قارئوه من السادية أنها نزعة تعني (أن يهدم الإنسان سواه ليخلو له الجو ويستأثر بالحياة. . . أما الماسوشية، فتعني أن يهدم الإنسان نفسه).
(ويؤدي العرف في أوقات السلم) في نظر الدكتور أيضاً (إلى أن يكبت الرجل شطراً من ساديته لينسجم مع المرأة والبيئة، أما في زمن الحرب فتتحكم السادية في العقل الواعي، وحينئذ يتحكم الحيوان الرابض في الأعماق. . . وحين تسير الجيوش لملاقاة العدو يتناسى كل جندي شخصيته، ويعود إلى ماضيه الفطري، ويعمل كما كان يعمل آباؤه الأولون، وهو في هذه الحالة وهذه الإرادة البشرية الأزلية. . .)
وهذه التعاريف والاستنباطات القطعية التي تحمل طابع العلم الذي يؤمن به الناس اليوم ويخضعون له كانت تكون يسيرة الخطر لو أنها - على ضعف مبرراتها - لا تنتهي إلى تثبيت فكرة الويل والدمار والهلاك الرانية على قلب العالم؛ فلا يمكن أن يفهم قراء الدكتور ولاية إلا أن الحرب على شكلها الحاضر متصلة بنزعات عميقة، وإلا أن المحارب يشتق نفسيته من هذه النزعات المتأصلة؛ ومن هنا بطبيعة الحال ستسمر الحرب هكذا، بل وتشتد جيلاً بعد جيل إلى ما شاء الله!
والذي أرى هو غير هذا في المقدمات وفي النتائج
فالسادية والماسوشية - كما يرى كرافت إبنج وفرويد وغيرهما - إنما هما نزعتان متصلتان بالجنس مباشرة كما سبق أن أشرنا، وإنهما في حالة بروزهما تعتبران انحرافاً جنسياً - أي نوعاً من أنواع الضعف التناسلي - ويعتبر لخت أن عدم وقوعه على إشارات سادية وماسوشية في المصادر الأدبية اليونانية يدل على أن حياة اليونانيين كانت حياة صحية (يقصد الحياة التناسلية)