أما تصوير هاتين النزعتين كأنهما دافعان أساسيان للحرب والقتل الدائر اليوم أو مثله، فليس له مبرر؛ ولكن الذي له مبرر فيما يظهر هو أن الأصول البيولوجية لهاتين النزعتين ترجع إلى (الحاجة إلى التغلب على أية مقاومة يبديها الهدف الجنسي، ولا تجدي معها حركات المداعبة). وهو تعليل بسيط قريب الصلة بالمظاهرة التي نحن بصدد الكلام عنها.
اجل، ترتد النزعتان في نظر بعض العلماء - وهذا إذا تعمدنا تعمقاً أشد - إلى شهوة أكل الإنسان اللحوم البشرية (أي خدمة غريزة حب السيطرة)، ولكن هذا مشكوك فيه كثيراً كما سيتضح الآن
ومهما يكن من أمر فالمرد الأساسي للسادية والماسوشية غير مؤكد الآن، ولذلك يرى (فرويد) أن التفاسير الموضوعة لأصول هاتين النزعتين غير كافية، وانه من الممكن أن تكون هنالك دوافع نفسية عديدة ومتحدة لتكون هاتين النزعتين
وليس صحيحاً أن يقف الناس عندما انتهى إليه فرويد أو غيره من الثقاة؛ ولكن الدكتور ولاية يقول بأن (كل إنسان - رجلاً كان أو امرأة - يحمل نزعة السادية متوازنة مع نزعة الماسوشية). وهذه بالطبع حالة الإنسان العادي. ويقول هفلوك إليس أيضاً إن (جميع حالات السادية والماسوشية تبدي آثاراً من النزعتين في الفرد الواحد نفسه).
وواضح من اجتماع النزعتين دائماً في فرد واحد أن وجودهما معاً لا يمكن أن يعزي إلى شهوة العدوان، ومن ثم غريزة حب السيطرة (دع عنك القتل الإجماعي - الحرب) لأن هذا التأويل إن وضح للسادية فلن يوضح الماسوشية، إلا إذا قلنا إن الإنسان يشتهي أن يقتل نفسه، وهذا يغاير ما تنزع إليه غريزة البقاء، التي لا يرتاب في أصالتها وسيطرتها وشمولها
وإذا كانت الحرب تطوراً للسادية فماذا ترى يكون تأويل دخول المرأة في معترك الحروب اليوم؟ وإذا استمرت الحرب أزمنة طويلة قبل أن يكتشف الناس غباوتهم فيها - فلا ريب أن المرأة ستسير جنباً إلى جنب في الحرب مع الرجل. فهل تصلح الماسوشية، وهي النزعة المتغلبة في المرأة، تأويلاً لمظهر هذه الحرب أيضاً؟
وخلاصة ما أريد أن أقول هو أن هاتين النزعتين كما نعرف هما اليوم جنسيتان، وأن أصولهما غير مؤكدة. على أنه مهما تكن هذه الأصول فمن المؤكد أنها أصول لا تمت إلى