يهتم معالي عبد الرزاق السنهوري باشا وزير المعارف بمشكاته الدروس الخصوصية. ويعمل مع رجال الوزارة على أيجاد حل حاسم لها. وداء الدروس الخصوصية قد تغلغل في السنوات الأخيرة حتى تسرب إلى رياض الأطفال هابطا وبلغ الجامعة صاعدا. وقد احس معالي الوزير بخطره منذ العام الماضي فأصدر قراراً بان يكون الحد الأقصى لكل مدرس في الدروس الخصوصية تسع حصص في الأسبوع، يكون ذلك عن طريق ناظر المدرسة ولكن أحدا لم يتقيد بهذا الحد وظلت الحال على ما هي عليه، وقال النظار أنه لم تقدم لهم طلبات في شأن الدروس الخصوصية، وبدت المشكلة بهذا الوجه تحاول أن تستعصي على العلاج.
والواقع أن الدروس الخصوصية تجني على الطلاب وأوليائهم كما تجتي على المدرسين أنفسهم، وإذا نظرنا إلى الأفكار الحديثة في التربية التي تؤيدها المشاهدة والتجارب، والتي ترمى إلى تكوين شخصية الناشئين عن طريق استقلالهم في مواجهة التبعات والصعاب مع الملاحظة والتوجيه عند الاقتضاء - إذا نظرنا إلى ذلك نجد أن هذه الدروس الخصوصية إنما هي رجعية منكرة في التعليم. وهي بعد تغري الطالب بالتكاسل والتشاغل عن الدروس في المدرسة، اعتماداً على أن (بابا) سيتفق مع المدرس في آخر السنة على كذا من الحصص بكذا من الجنيهات، ويتم النجاح بفضل هذه الجنيهات!
ثم هؤلاء الأطفال الذين نحملهم إلى الرياض ليلعبوا ويمرحوا ويحيوا حياة اجتماعية تناسبهم، ولتنتهز المربيات الفرص لتنمية ملكاتهم وأذواقهم وتنشيط أذهانهم وإمدادها بقليل من المبادئ ما ذنبهم حتى نزعجهم بطلعة المدرس في المنزل ونستبدله لهم بما يحبون من الدمى واللعب! ونغرس في نفوسهم منذ الصغر كراهية التعليم؟
وأنا لا أستطيع أن أتصور إثما في التعليم أشنع من إعطاء الدروس الخصوصية لطلاب الجامعة، لأنه إخلال بوظيفتها الأولى والأخيرة وهي التعويد على البحث وتكوين الفكر المستقل، على أن من شر الدروس الخصوصية في التعليم العام أنها تدليل علمي للطالب