جاء في نهاية المقال القيم الذي كتبه الأستاذ محمود عزت عرفة بعدد الرسالة رقم ٦٩٣ أن سقوط عكا بيد المسلمين كان في عهد الملك الظاهر بيبرس، والحقيقة أن الفتح تم في عهد لشالملك اهيد الأشرف صلاح الدين خليل بن الملك المنصور سيف الدين قلاووين في سنة ٦٩٠ هجرية ١٢٩١ ميلادية، وقد تم على يده فتح صور وصيدا وبيروت وغيرها من مدن الساحل فأعادها إلى الإسلام، وأطلق على هذه الحروب أسم الفتوحات الأشرفية، واستمر المسلمون قروناً بالساحل والجبل يؤرخون بهذا الفتح فيقولون تم هذا في أيام الفتح الأشرفي أو بعده أو قبله. وفي بيروت حي مشهور اسمه حي الأشرفية نسبة إلى ملك مصر الشهيد الأشرف خليل بن قلاووين، وقد ذكر جيبون المؤرخ الإنجليزي نهاية هذه الحروب وهذا الفتح فقال:(ساد سكون محزن على امتداد ذلك الساحل الذي ظل أزماناً طويلة ميداناً تسمع فيه قعقعة سيوف نضال العالم).
وهذا الفتح من أهم الفتوحات الإسلامية التي من الله بها على مصر الإسلامية في أزهى عصورها بل جعل منها دولة مهيبة الجانب يخشاها العدو ويرهبها الصديق، وبقيت موضع رعب أوربا حتى موقعة امبابة أيام نابليون.
ويقول أبن الفرات في كتابه إن سلطان مصر لما عزم على التوجه إلى حصار عكا أمر بجمع العلماء والقضاة والأعيان والقراء بتربة والده الملك المنصور وهي لا تزال بالقاهرة إلى اليوم وتعد تحفة من تحف الفن الإسلامي العربي ومفخرة من مفاخر ذلك العصر. أرجو أن تذهب لرؤيتها وإشباع النظر بها.
قال إنهم اجتمعوا في ليلة الجمعة الثامن والعشرين من صفر من هذه السنة وباتوا بالقبة المنصورية يقرأون القرآن الكريم، وحضر الملك الأشرف إلى التربة في بكرة نهار الجمعة وتصدق بالهبات وفرق على القراء والفقراء أموالاً كثيرة غير الكسى والهدايا التي وزعها على أهل المدارس والرباطات والزوايا. كأنه كان يودع والده حينما عزم على التوجه للجهاد.