للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي الثامن من ربيع الأول نزل السلطان من القلعة وتوجه بالعساكر المنصورة إلى دمشق وسار منها حتى نزل على عكا وحاصرها وسد الطرق عليها، وكان الفرنجة لما بلغهن مسير الجيوش الإسلامية المصرية وعزم السلطان على محاصرة مدينتهم في قلق زائد، ولذلك كتبوا إلى ملوكهم وسألوهم النجدة. فاجتمع لديهم جموع من مختلف مللهم ونحلهم. ويقول السير وليم موير (إن جزيرة قبرص بعثت بنجدة إليهم)، ولكن الذي يظهر من كلام المؤرخين المعاصرين أن أكثر النجدة أتت إليهم من الأرمن المقيمين بالمشرق.

وليس في عزمي شرح المعارك التي ظهر بها المسلمون على الصليبيين في آخر عهدهم، ولا ذكر القتال يوماً بعد يوم وتتبع الشهداء والقواد وأهل الرياسة من جند مصر والشام فتلك ملحمة من ملاحم الإسلام أجمع لها المواد ليوم قريب بإذن الله؛ كما أنه ليس في العزم أن أكتب عن الملك الشهيد الأشرف خليل وحياته، ولذلك نمر على ذلك مراً، ونكتفي بشهادة بعض المعاصرين نقلاً عن صاحب النجوم الزاهرة.

قال النويري: (كان ملكاً مهيباً شجاعاً مقداماً جسوراً جواداً كريماً).

وقال الذهبي: (لو طالت أيامه لأخذ العراق وغيرها. فأنه كان بطلاً شجاعاً مقداماً مهيباً عالي الهمة).

وقال صاحب النجوم (وجمهور الناس على أنه أشجع ملوك الترك قديماً وحديثاً بلا مدافعة، ثم من بعده الملك الناصر فرج أبن الملك الظاهر برقوق، وشهرتهما في ذلك تغني عن الإطناب في ذكرهما).

ولقد كان الأمير بيبرس المنصوري شاهد عيان لمعركة عكا، ولذلك أطنب في وصفها ووضع ذلك في كتابه (زبدة الفكرة) وقال أن هذا الفتح العظيم جاء في يوم الجمعة المبارك السابع عشر من جمادى الآخرة من سنة ٦٩٠، وإن عكا انتزعت من يد المسلمين في عهد صلاح الدين سنة ٥٨٧، وبقيت بيد الصليبيين١٠٣ سنة وختم كلمته بقوله: (لله الحمد على انتصار المسلمين واستظهار الموحدين بهمة أولى الهمم العلية، والعزمات المنصورة المنصورية (نسبة إلى المنصور قلاروين) الأشرفية (نسبة إلى الأشرف خليل)، ولا شك في أن هذه الطائفة أربت على الأول ونالت بها الدولة من النصرة والنضرة ما لم تنله الدول).

<<  <  ج:
ص:  >  >>