وإني لمناسبة ما ذكرته من الاختلاط لغير مقتضياته الاجتماعية ذكرني صديق بأن بعض فتياتنا قد يغشين المجامع لغرض شريف ذلك هو الرغبة في الزواج وبناء البيت، وإذا صح ما ذكره صديقي، فإن نبالة النية وشرف القصد لا يحولان دون فساد الأسلوب وتعثر الطريق المتبع، لأنه لا مأمن من نزوات النفوس ووساوس الشيطان، إذ يضيع على الرجولة شهامتها فيستخدم الخلطة للعبث والتسلي دون تقدير لما يترتب على ذلك من تردي الفتيات والنساء في سبيل الغواية، ودون نظر إلى فداحة الآثم حين يصيب كل من جنس الرجل والمرآة من الآخر آنسا لا يحلله إلا صدق المواثيق والعقود وإخلاص النفوس. وزيادة على ذلك فإن الفتاة إذا غشيت هذه المجامع المصنوعة دون حذر شديد، أو حامت حول حماها، فقد تقع في مخاطرها، لأن حظ الفتاة من طيبة القلب وليونة العاطفة وروح الإيثار وسذاجة الوجدان يربو كثيرا عن حظ الرجل الذي راضته أحداث الزمن على مرانة في التفكير وقلة في الحساسية وتغلغل في الأنانية، مما قد يساعده على أن تكون المرأة هدفاً لخديعة الرجل وتغريره. ولطالما يهفو الرجل فتدفعه هفواته لاستباحة المتعة من المبذول، لكنه طالما يكرم نفسه باختيار زوجته ممن يكرمن أنفسهن في حمى العزلة وقداسة الصيانة. وأزيد على ذلك أن ابتذال الفتيات لأنفسهن مضيع للعزة والكرامة. وينبغي أن تكون عزة المرأة وكرامتها فوق شرف الزواج، ولا عزة لمن يتقدمن من النساء في سوق العرض والطلب، ومن الخير لهن أن يكن معززات مصونات محببات يطلبن في شغف، لأن في الابتذال إضعافا للرغبة. ومن الخير للرجل أن يكون شهما كريماً، فيستخدم شهامته ومروءته لصيانة شريكة حياته وأم بنيه عن مواضع الذلة ومواطن الابتذال حين تنزل