الفتاة في ميدان العرض والطلب فيصيبها ضعة العارض ومهانة المعروض.
فساد الذوق
وفيما سلف ذكره، قد أشرت إلى انحراف الاختلاط عن وجهه القويم، وأشرت إلى سوء فهم الحرية المعقولة والى مهانة الابتذال. أشرت إلى كل ذلك لعناصر مسيئة لنسائنا المجددات؛ ويجدر بي أن أشير إلى عنصر آخر لا يقل أثره سوءاً. ذلك هو اختلال الذوق في اللباس والتزين. لقد ذكر أحد العلماء الممتازين الحاليين الدكتور (كاربل) في كتاب له إلى ما أصاب العصر الحديث وأهله من ضعف في الإنتاج الصالح، وضمور في الجسوم، وضعف في الذوق الفني. وليس من شك في أن ملابس السيدات الغربيات قد أدركها ذلك الضعف، من حيث الذوق ومن حيث اللياقة. وإن مستحدثات الأزياء التي يتخذها نساؤنا عن الغربيات ويغيرها بين حين وحين مبدعو الأناقة من أهل التجارة، تدل أبين دلالة على ضعف هذا الذوق الفني وانحلاله. فالجلباب القصير والمحاسر والقبعات قد يؤلم الكثير من أشكالها نظر ذي الذوق السليم. فهبك رأيت امرأة طويلة نحيلة في جلبابها الذي لا يبلغ ساقيها، ويخرج عن كمية ساعداها الطويلان النحيلان العاريان وتمتد رقبتها الدقيقة من طوقها المفتوح، وتتخم شفتاها الظاهرتان في وجهها الضئيل بتلك الأصباغ الدامية. أفلا يخيل إليك أنها كالأفعى ولغت في الدماء؟ وليست هذه الصورة الدميمة البشعة إلا من نتائج اللباس القصير الحاسر الذي لا يرضه لهذا الجسم ذوق صحيح.
التغرير بالمرأة
وكما أساء الاختلاط المطلق الحرية السقيمة المعتلة وفساد الذوق الشائع إلى النساء والحديثات المعاصرات كذلك أساءت إليهن فلسفة التغرير. فقد يغرر العصر الحاضر بالنساء حين يدفعهن إلى ميادين من الأعمال الشاقة. كان من الخير أن يزاولها الرجال ويحتملوا أوصابها وتبعاتها دون النساء حرصا على أن تسلم وظيفة الأمومة التي هيئت لها المرأة، ووقاية من زجها في الجهود المضنية التي تعطل فيها صحة أنسجتها العضوية، وتفسد عليها رقة الطبع وسلامة الأعصاب.
كتب الأستاذ فريد وجدي (حين بحث في مشاركة النساء الرجال في أعمالهم) قال: